الحافي والمطر

أحمد الأنصاري الخميس 31-03-2016 22:04

عندما نستمع لأغنية «حبيبتي والمطر» لكاظم الساهر تتبادر إلى أذهان الجميع قصص الحب مع الأنثى، الحياة والعشق، أما أنا فحالتي تختلف، تعيدني هذه الأغنية إلى ذكريات قريتي الصغيرة البعيدة عن أعين المسؤولين كغيرها كثير، فهي واحدة من 44 قرية تابعة لمركز من 13 مركزا من محافظة الشرقية في وطني مصر.

المطر في القرية التي جئت منها في أقصى محافظة الشرقية كان يعني لي ولأقراني الخروج إلى الشارع والسير حافة على الطين والاستمتاع بالبلل حتى نصاب جميعنا بأدوارالأنفلونزا، هذا ما تثيره في الأغنية، فحين يقول كاظم «أخاف أن تمطر الدنيا ولست معي»، أتذكر أنني ومنذ 11 عاما غادرت مصر إلى إحدى دول الخليج وكلما أمطرت الدنيا أجد مصر بذكريات المطر ليست معي.

على عكس الإحساس القديم ينتابني الخوف من أنها ستظل ليست معي، وأحلم هل أعود يوما للاستقرار في مصر حتى تكون معي في المطر، أخرج وأجري حافي القدمين تحت المطر.

لكن هذا الحلم ينقلب إلى كابوس، فإذا عدت فعلا وأنا محسوب على طائفة الإعلاميين، كيف سيفسر من يراني فعلتي هذه، ونحن في ظل التحليلات الماورائية لكل شيء.

ربما سيراه المناصرون أني أهين الدولة فسيري حافي القدمين يدل على أنني أرى أن رعاية الدولة للمواطن تكاد تكون معدومة لسيري حافي القدمين، ستنهال الضربات التحليلية على التواصل الاجتماعي، وربما استخرج أحدهم صورة من حسابي على أحد المواقع وأنا أرفع علامة النصر مبتسما كما نفعل جميعا عند التقاط صورة، ليؤكد أنني هنا، وهنا بالذات كنت أتلقى دروة تدريبية في المؤامرة والخيانة في إحدى الدول الماسونية الصهيوأمريكية.

يأتي بعدها دور رافعي الأصابع الأربعة، ليؤكدوا أن هذا تعبير نبيل يوضح من أحد الإعلاميين المدافع عن الشرعية حال الدولة، السؤال هل سيسكت فصيل المعارضة لكل شيء، ربما لا فسيري تفسيرات جاهلة لفعلتي، ويبدأ في سرد المطولات عن مدى جهل النقادين وجهلي أنا نفسي فكيف أفعل هذا الأمر في ظل ما تمر به البلاد، كيف يحق لي أن أفرح أو أنعم بلحظة سعادة تحت المطر وغيري يأكل من صناديق القمامة.

ويتبادر إلى ذهني سيناريو آخر، فهل في ظل أزمة مياه النيل ستسمح الدولة لعابث مثلي أن يلوث مياه المطر بالسير حافيا فيها؟!

يبدو أني سأظل أستمع إلى الأغنية وأخاف، وتبقى حبيبتي ليست معي، ويبقى الحال هو الحال.