تاكسى فى أبوظبى!

سليمان جودة الخميس 31-03-2016 21:46

أخذت «تاكسى» فى أبوظبى، من أبراج الاتحاد، وهى أبراج ثلاثة معروفة هناك، إلى فندق روتانا المعروف أيضاً فى المدينة، كان السائق شاباً أسمر يحمل جنسية إحدى دول أفريقيا، سألنى عما إذا كنت أفضل طريق الكورنيش، أم الطريق العادى الذى يسلكه المتجه إلى الفندق فى العادة، وحين استفسرته، قال إن الوقت وقت ذروة فى المرور، وإن طريق الكورنيش ربما يكون أخف حركة وأسرع!

سرحت منه، وقلت فى نفسى، إننى لو كنت فى القاهرة، لأخذ السائق الطريق الأطول، ليحصل فى النهاية على أجرة أعلى، بصرف النظر عما إذا كان الطريق الذى اختاره للزبون، دون أن يسأله طبعاً، هو الأسرع فى الوصول للهدف أم الأبطأ!

حين وصلت، كان العداد أمامى قد سجل 21 درهماً ونصف الدرهم، وكانت صورة السائق على العداد، وكان اسمه كذلك، فأعطيته 25 درهماً، ليرد لى ثلاثة دراهم ونصف الدرهم، دون أن أناقشه، ولا يناقشنى، ودون أن يحجب الباقى عنده، بحجة أنه لا يملك «فكة» كما يحدث كل ساعة لآلاف الزبائن فى شوارعنا!

عدت إلى القاهرة، وأخذت تاكسى من شارع جامعة الدول فى المهندسين، إلى شارع شجرة الدر فى الزمالك، وكان العداد يسجل عند الوصول ستة جنيهات ونصفاً، فأعطيت السائق عشرة جنيهات، فإذا به يقول إن هذا المشوار بـ«عشرة جنيه»، وكأن العداد أمامه غير موجود، أو كأنه لم يسجل شيئاً!

قارنت طبعاً بين الحالتين، فى أبوظبى، وفى القاهرة، ولم تكن تفصل بينهما سوى ساعات، وسألت نفسى عما سوف يقوله السائح - أى سائح - حين يكون فى مكانى، ويكتشف أن سائق التاكسى الأبيض، الذى من المفترض أنه يعمل بعداد، يبتزه علناً فى عرض الشارع، ويتجاهل العداد، ويستولى على الباقى من قيمة الأجرة، أياً كان قدره.. هل سيكون مثل هذا السائح، ممن يحبون العودة إلينا، إذا رجعوا إلى بلادهم، وهل يمكن أن يشجع غيره على أن يأتى؟!.. طبعاً أتكلم عن السائح هنا، ربما لأقول إن السياحة مسؤولية كل واحد فينا فى مكانه، قبل أن تكون مسؤولية وزير السياحة الجديد أو القديم، وإن كل من يتصرف دون مسؤولية من هذا النوع، سواء كان سائق تاكسى، أو غيره، فإن القانون الحازم لابد أن يكون فى انتظاره!

يزداد حزنك، حين تتذكر، أن أصحاب التاكسى الأبيض هؤلاء، هم أنفسهم الذين كانوا قد تظاهروا، قبل أسبوعين، ضد الشركات التى دخلت السوق، واحترمت القانون فى حركتها، ثم احترمت المواطن وهى تنقله، قبل القانون، فإذا بالحكومة تأخذ خطوة إلى الوراء، أمام الذين تظاهروا، وتقول إنها سوف تبحث أمر هذه الشركات!.. وكان الصحيح، أن تقول للمتظاهرين إن انصراف الزبون عنهم سببه سوء الخدمة فى التاكسى الأبيض، وليس أى سبب آخر، وإن الخدمة فيه لو كانت أفضل، ما هجره زبونه إلى «أوبر» أو غير «أوبر»!

ضبط الشارع هو خطوة أولى إلى ضبط كل ما عداه!