قرارات بسيطة ولكنها ثورية!

سمير فريد الإثنين 28-03-2016 21:49

لو لم يكن حلمى النمنم، وزير الثقافة، لما كتبت هذا المقال، إنه الوزير المناسب تماماً بعد الثورتين، ولكن عليه أن يقاوم البيروقراطية التي تسود الوزارة وتجعل من كل وزير ضيفا عابرا على مقعده، يترك الوزارة كما كانت قبله، ولا يبقى سوى الموظفين ومصالحهم الصغيرة.

إنها قرارات بسيطة بالفعل يمكن اتخاذها في يوم واحد، بل في ساعة واحدة، ولكنها تحقق التغيير الجذرى وأحلام الفنانين والأدباء وكل المثقفين، ويعلم الوزير أن الفرق بين الإصلاح والثورة، أن الإصلاح يعنى إصلاح ما هو قائم وتطويره، وأن الثورة تعنى التغيير الجذرى.

ربما يكون نقل تبعية قصور الثقافة إلى المحافظات، وهو الوضع الطبيعى والمنطقى، أو نقل تبعية أكاديمية الفنون إلى وزارة التعليم العالى، وهو أيضاً الوضع الطبيعى والمنطقى، من القرارات غير البسيطة، ولكن ما هي المشكلة في تسليم شاشة الهناجر وشاشة مركز الإبداع وشاشتى متحف الحضارة إلى شركة مصر العالمية لتديرها بدلاً من أن تظل كل قاعة من القاعات الأربعة مغلقة أو لعروض المناسبات، وأحدد شركة مصر العالمية لأنها نجحت في إدارة شاشة زاوية في القاهرة وأمير في الإسكندرية وريفولى في طنطا وغيرها، وجعلتها النوافذ الوحيدة في مصر لعرض الأفلام غير التجارية، وتكون الإدارة مقابل حصول الوزارة على خمسين في المائة من الإيرادات مثلاً، ما هي المشكلة في أن يصدر هذا القرار اليوم وليس في الغد، وما العائق سوى الموظفين الكسالى الذين لا يريدون أن يعملوا، ويكرهون من يعملون، وإذا لم تساعد وزارة الثقافة الأفلام غير التجارية، فمن يساعدها.

ما هي المشكلة في تخصيص قصر عائشة فهمى بعد أن أوشك ترميمه على الانتهاء ليكون مقر «السينماتيك المصرى» الذي يحلم به كل صناع ونقاد السينما في مصر منذ نصف قرن ويزيد، والسينماتيك لا علاقة له بنسخ الأفلام النيجاتيف والبوزتيف، وقد ترجم مجمع اللغة العربية كلمة سينماتيك «دار السينما» على غرار دار الكتب، أي أنه المكان الذي يجمع الكتب والملصقات والصور والكتالوجات ومختلف وثائق الأفلام، وبه ملف عن كل فيلم وعن كل سينمائى في مصر وخارج مصر، ومكتبة أفلام ديجيتال وقاعة للعروض وأخرى للمعارض، وكم كان مجمع اللغة العربية موفقاً في الترجمة، فكما يستحيل عمل بحث عن أحمد شوقى أو الخديو إسماعيل أو تأميم القناة من دون دار الكتب، يستحيل عمل بحث عن السينما من دون دار السينما، وفى الزمالك عشرات من قاعات المعارض التشكيلية الحكومية وغير الحكومية، فماذا يضيف قصر عائشة فهمى إليها سوى قاعتين أو ثلاث، بينما إنشاء السينماتيك فيه يضيف معلماً حضارياً جديداً، ويلبى حاجة حقيقية، ويسد نقصاً ويمحو عاراً.

samirmfarid@hotmail.com