عن الثقافة والمثقفين والرئيس

سمير فريد الجمعة 25-03-2016 21:40

الثقافة تعنى مجموعة القيم والمفاهيم التي تحكم سلوك عامة الناس في أي مجتمع، وفى أي وقت. رفع صوت الراديو أو التليفزيون من دون الاهتمام بإزعاج أو عدم إزعاج الجيران ثقافة، عدم إتقان العمل ثقافة، اعتبار الحجاب دليل عفة النساء ثقافة، وهكذا، ولكن الثقافة في مصر هي الآداب والفنون، رغم أن دورها محدود في صنع الثقافة السائدة بالمقارنة مع التربية والتعليم ووسائل صنع الوعى من صحافة وراديو وتليفزيون.

ومن حيث مسؤولية الدولة لا يمكن اعتبار الوزارة التي نطلق عليها وزارة الثقافة المسؤولة عن ثقافة المجتمع، وإنما هي وزارات التربية والتعليم والشباب والرياضة ومؤسسات الإعلام، فضلاً عن المؤسسات الدينية، والأصح أن تسمى وزارة الفنون، أي فنون الأدب والفنون التشكيلية وفنون السينما والمسرح والموسيقى، وهذه هي وظيفة الوزارة الفعلية، أي ليصبح الاسم على مسمى.

والمثقفون في أي مجتمع، وفى أي وقت، هم المهنيون في الطب والهندسة والتجارة ومختلف المهن الذين يتجاوزون حدود المهنة، ويهتمون بالعمل العام، ولكن المثقفين في مصر هم الكتاب والأدباء والشعراء والفنانون بنفس مفهوم الثقافة، ولذلك لم أندهش أن يسمى اجتماع الرئيس السيسى أنه اجتماع مع المثقفين رغم أنه مع مجموعة من الكتاب والشعراء والأدباء، ولم يتضمن حتى الفنانين.

وقد عُقد هذا الاجتماع بناءً على طلب أحد أفراد هذه المجموعة، وهو وزير الثقافة السابق جابر عصفور في حوار مع «المصرى اليوم» قبل أيام معدودة من انعقاده، وفيه قال إن الرئيس مبارك كان يجتمع مع المثقفين أكثر من الرئيس السيسى! ومن المؤسف حقاً أن يتم الاجتماع بعد هذا الطلب، وليس بمبادرة من الرئيس، وكأنه يريد إثبات أنه ليس أقل من مبارك في الاجتماع بهم!!

ولا ضرر من هذا الاجتماع إن لم تكن له فوائد، ولكنى لا أدرى لماذا يرغب أي كاتب أو شاعر أو أديب في الاجتماع مع رئيس الجمهورية أو رأس النظام السياسى بصفة عامة أياً كان هذا النظام، ويتخلى طواعية عن استقلاله وسلطته الأدبية؟! فلم نسمع عن اجتماع بين ملك الدنمارك والمثقفين في الدنمارك مثلاً، ولا توجد صورة لاجتماع بين سارتر وديجول على سبيل المثال أيضاً. على مؤسسة الرئاسة متابعة ما ينشر من آراء، ودراستها، وتنفيذ ما ترى تنفيذه من اقتراحات، وتظل كل سلطة من السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية مستقلة، وكذلك السلطة الأدبية، أو المعنوية للآداب والفنون، الكل يعمل من أجل الوطن، ولكن في مسارات متوازية، وبالمفاهيم العلمية الصحيحة للمصطلحات والمسميات.

وقد قرأت في اليوم التالى للاجتماع أن وزير الثقافة عقد اجتماعاً مع ثلاثة من حضور الاجتماع لتشكيل ما يسمى «مجموعات» عمل من «المثقفين»، فالجنرالات لابد لهم من جنود ليكونوا جنرالات، ولماذا لم يقل أحدهم للرئيس إن هناك بالفعل لجاناً فيما يسمى المجلس الأعلى للثقافة تعادل هذه المجموعات؟! وهل المطلوب من الرئيس أن يعرف كل التفاصيل عن كل شىء؟!

samirmfarid@hotmail.com