كتبت منذ أيام عموداً بعنوان «الرئيس عادل إمام» تناولت فيه ما نشرته الصحف والمواقع الإخبارية عن لقاء بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والفنان عادل إمام، وقد نشرت تلك المواقع أن عادل إمام ذكر فى أحد البرامج أنه قال لـ«عبدالناصر»: أنا لو دخلت الانتخابات ضدك فسوف أكسبك!.
عندما طالعت مقالى على النت وجدت أسفله بموقع الجريدة تعليقاً كتبه أحد القراء، الذى هو فى الوقت نفسه كاتب يكتب فى النقد السينمائى وغيره. كان التعليق يتهمنى بأننى سطوت على ما كتبه سيادته ونشرته باسمى!.. لم أصدق ما رأيت.. هذا الرجل كاتب التعليق يحظى باحترامى، وأتابع أحياناً ما يكتب، لكنه هنا يُخرّف حرفيا. عدت لقراءة تعليقه على حدوتة عادل إمام، المكتوب على «فيس بوك»، فوجدته عدة سطور تتضمن بديهيات لابد أن يتطرق إليها كل مَن أراد أن يرد على المنسوب لعادل إمام. وفى الحقيقة أنك إذا سألت أى مخلوق، ولا يُشترط أن يكون كاتباً.. من الممكن أن يكون «عجلاتى» أو «كهربائى» عما يقوله لعادل إمام إذا عرف أنه زعم تحدثه بهذا الشكل مع عبدالناصر لكان رده لا يعدو نقاطاً ثلاثا: الأولى أن عادل إمام كان ممثلاً صغيراً فى زمن عبدالناصر، والثانية أن عبدالناصر لم يكن يقابل سوى القمم الفنية، والثالثة أن ناصر كان ذا مهابة، وبالتالى لا يسهل التباسط والتهريج معه.. فكيف اعتبر صاحبنا أن هذه العناصر الملقاة على قارعة الطريق تمثل أفكاراً حصرية خاصة به؟ هل وصل إليها من خلال عمل بحثى عكف عليه؟. كان بإمكانى تجاهل الأمر لولا أن كاتبه ليس غُراً صغيراً، ورأيت من اللائق أن أستفسر منه عما جعله يظن أننى سرقت أفكاره. كتبت له رسالة ودودة على «فيس بوك» أوضحت فيها أن مثلى لا يحتاج للسطو على أفكار أحد، لأن الأفكار لا تعوزنى، فلم يقتنع وأصر على أننى سرقت أفكاره!.. أقول لكم الحق.. لقد اندهشت من مسألة أن يجمع الإنسان بين كونه كاتبا جيدا وبين أن تكون ذاته متضخمة، فتحجب عنه أن الله يمكن أن يرزق الآخرين بالأفكار أيضاً.. ولكن لأننى لست ممن تأخذهم العزة بالإثم، ولطالما كنت من الذين لا يبخسون الناس حقوقهم، فقد قلت لنفسى: هل ترانى حقاً تأثرت بسطوره وكانت فى خلفية تفكيرى وأنا أكتب عن الموضوع؟ إن المرء يقرأ فى اليوم عشرات الصفحات فى الكتب والجرائد والمجلات وعلى النت، ولابد أنه يتأثر بما يقرأ، ولعل ما كتبه الرجل قد ألهمنى فى كتابة العمود.. هكذا حدثت نفسى والله.. لكنى بعد قليل انتفضت فى وجه هذه النفس العبيطة: ما هذا الهراء؟ هل إذا زعمتُ للناس أننى تحديت سعد زغلول فى أن أفوز عليه فى الانتخابات، ثم برز أحد الكتاب لتذكيرى بأننى لم أكن قد وُلدت على زمن سعد زغلول.. فهل يكون هذا الكاتب مالكاً لهذه الفكرة ولا يجوز لغيره استخدامها فى الرد على تخريفى؟.. لقد سحبنى هذا الرجل لملعبه وجعلنى أشك فى نفسى. أخذت قراراً فورياً وعملت له «بلوك» على النت حتى يختفى هو وكتاباته وحتى أحرم نفسى من أفكاره الألمعية، ذلك أن الحياة مقرفة بما فيه الكفاية ولا تحتمل أن نضيف إليها البارانويا والمناخوليا!