من صندوق البريد

نيوتن الخميس 24-03-2016 21:26

عزيزى نيوتن

عملت بنصيحتك؛ فقمت بانتزاع الصفحة التاسعة من جريدة «المصرى اليوم» عدد ٣/٢٣، وأخذت أطالع المقارنة الصحفية بين الميزانية المصرية والميزانية الإنجليزية اللتين وضعهما المحرر متقابلتين. ولما كنت غير اقتصادى ولا خبرة لى فى هذا المجال، فلا أجد حرجاً فى الاعتراف بأن أموراً كثيرة فى هذه الدراسة بدتْ غامضة بالنسبة لى.

فلماذا أولاً يتم عقد دراسة مقارنة بين مصر ودولة عظمى مثل بريطانيا. لماذا لم يتخيّر المحرر مثلاً نموذجاً هو أقرب إلينا وإلى ظروفنا، من مجموعتنا الأممية، مثل ماليزيا أو إندونيسيا، أو حتى كوريا الجنوبية التى شاركتنا وضعنا هذا منذ عقود قليلة؟

كما أن المقارنة تقوم بعد توحيد رؤوس المواضيع أو المواد محل المقارنة، فتعقد المقارنة بعد ذلك بين أرقامها. مثلاً فى دراسة «المصرى اليوم»، ذكر المحرر فى بنود المصروفات الإنجليزية الصحة والتعليم والدفاع، منفصلة وقيمة المصروف على كل منها، بينما اختفت هذه المواد من الجدول المصرى، ولا أعلم أين وضعتها الدراسة. فكيف أقارن بين مصر وإنجلترا فى هذا الصدد؟

لكن ما خرجتُ به من هذه الدراسة للميزانية المصرية، هو الشعور بالفزع والهلع من مصير التنمية المصرية فى المستقبل. فمن مجموع ٨٦٤ مليار جنيه هى جملة المصروفات، تنفق الدولة ٦٠٩ مليارات على بنود ثابتة غير تنموية، وهى الأجور وخدمة الدين ودعم الطاقة والمنتجات الغذائية، فلا يتبقى لها سوى ٢٥٥ ملياراً للإنفاق على التنمية والخدمات كصحة وتعليم وإسكان ومرافق ومواصلات... إلخ، وهو ما يقل عن ثلاثين فى المائة من مصروفات الموازنة المصرية، التى تعانى عجزاً سنوياً بنفس القيمة تقريباً، حيث يبلغ ٢٤٢ مليار جنيه؛ أى أن ميزانية التنمية فى مصر هى حجم العجز، حيث تستهلك البنود الثابتة السابقة، إجمالى الدخل القومى تقريباً.

د. يحيى نور الدين طراف

تعليق نيوتن

أولاً: الهدف ليس المقارنة بين مصر وأى دولة أخرى، الهدف هو طريقة عرض الميزانية وبنودها. بالطريقة التى يسهل فهمها وقراءتها لأى مواطن. متخصص فى الاقتصاد أو غير متخصص فيه. لذلك فهمنا أنا وأنت رغم أننا لسنا من الاقتصاديين. وأدركنا حجم الخطر الذى نواجهه.

ثانيا: بالرغم من أنك قارئ دؤوب لم يدهشنى أنك لم تكن تعلم أن الخطر الذى نواجهه على هذا النحو. وعندما اكتشفت الحقيقة شعرت بالفزع، على حد قولك، وهذا ما جرى لى أيضا. حيث إن الربع الأول من العام الجارى انقضى. ولم نعرف أن الإيرادات الحقيقية تغطى 3 بنود فقط. والباقى كله سحب على المكشوف. والعجز يتزايد عامًا بعد عام.

ثالثًا: العلاج تأخر كثيرًا. الملفات التى تمثل الخلل الأكبر فى الميزانية متروكة كما هى. بل إننا نقف ضد إصلاحها، مثلما فعل نواب البرلمان. عندما رفضوا قانون الخدمة المدنية. وبالتالى تستمر مشكلة الجهاز الإدارى كما هى. دون حل، بل تتفاقم. ثم إن الأمر الثانى الذى يحتاج لعلاج جذرى هو منظومة الدعم. لا يستفيد منه المواطن بأى شكل ولا العامل. بالتأكيد أصحاب العمل لأنهم يدفعون فقط الفارق بين الدعم بأشكاله، وما يساعد العامل على العيش. أما الأمر الثالث فهو خطة التخلص من العجز. المدة. التكلفة التى سيتحمّلها الجميع.