مقداد فيرسى يكتب: المسلمون يتساءلون: لماذا نرد نيابة عن الإرهابيين؟

اخبار الخميس 24-03-2016 21:27

عاد المرشح الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، دونالد ترامب، من جديد بتصريحات إنما تؤكد أنه صار مشكلة لابد من الوقوف عندها والتعامل معها، بل التصدى لها، بعد ظهوره فى لقاء تليفزيونى مع الإعلامى بيرز مورجان، فى برنامج «صباح الخير بريطانيا»، المذاع على شاشة «التليفزيون المستقل»، ليزعم اليوم أن المسلمين يؤون الإرهاب ولا يبلغون عن المشتبه بهم لأجهزة الأمن، غير مكترث باستدعائه من قبل القائد العام للشرطة العام الماضى بسبب الكذبة التى أطلقها عن المناطق المحظور الدخول إليها فى المملكة المتحدة. وبعيداً عن تصريحاته بشأن المسلمين، التى تبدو حيلة قديمة لترويج المخاوف لعلة سياسية، يقوم من خلالها «ترامب» باستغلال قضايا الإرهاب والجريمة واللاجئين والهجرة من أجل جمع أصوات المرشحين دونما التفات إلى تداعيات هذا الاستغلال، فإن مشكلة «ترامب» الكبرى تتمثل فى إطلاقه مزاعم خالية من أى دلائل تدعمها.

إذن دعونا نفند مزاعم المرشح الرئاسى من خلال طرح بضعة أسئلة بسيطة والإجابة عنها، وقد تأتى الأسئلة على هذه الشاكلة: هل يدين المسلمون فى بريطانيا الإرهاب؟ هل يقوم مسلمو بريطانيا بالإبلاغ عن الإرهاب حين يرونه؟ هل يمكن للجاليات المسلمة فى بريطانيا تقديم المزيد على هذا الصعيد؟

فالسؤال الأول: هل يدين مسلمو بريطانيا الإرهاب؟.. لو وجدت نفسك تسأل هذا السؤال فهذا يعنى إخفاقك فى البحث عن إجابة له منذ البداية. فالواقع أن المسلمين فى بريطانيا يدينون الإرهاب داخل المملكة المتحدة ولا يكفون عن إدانته بشكل صريح، وخير دليل على هذا يمكن الوصول إليه بسهولة عبر الموقع الإلكترونى للمجلس الإسلامى البريطانى، إذ سنجد به قائمة خاصة تجمع هذا النوع من التصريحات، ولم يكتف المجلس بإطلاق بيانات الإدانة على صفحته، بل قام بنشر صفحة كاملة فى صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية للتركيز على هذه المسألة.

والسؤال المهم هنا هو: لماذا تتم مواجهة المسلمين فى الشوارع واستيقافهم مثلما حدث فى مدينة «كرويدون» للاستفسار منهم عما حدث فى بروكسل، حتى بات العديد من المسلمين يتساءلون: لماذا يتوجب عليهم الرد نيابة عن الإرهابيين، وتفسير أفعالهم الإرهابية فى كل مكان فى العالم؟!

والسؤال الثانى: هل يقوم المسلمون بالإبلاغ عن العناصر الإرهابية والمشتبه بهم، وأى حوادث من هذا النوع؟

بحسب نيل باسو، مسؤول شؤون مكافحة الإرهاب على «راديو 4»، بهيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سى»، فإن دونالد ترامب كان «مخطئاً» حين أكد أن المسلمين لا يبلغون عن حوادث الإرهاب، وخير دليل على خطئه أن مدير مكافحة الإرهاب السابق بشرطة سكوتلاند يارد، ريتشارد والتون، سبق أن أثنى مراراً على الدور الذى يلعبه مسلمو لندن فيما يتعلق بالإبلاغ والمساعدة فى مكافحة التطرف، وكثيراً ما أكد «والتون» على «الدعم المتزايد من قبل المجتمع الإسلامى»، كما أطلق «مجلس رؤساء الشرطة الوطنية» من قبل بياناً أشار فيه إلى أن المئات من حالات الإبلاغ عن معلومات سرية وتحذيرات بشأن المتطرفين والاشتباه بعمليات إرهابية خلال الشهور الستة الماضية كان مصدرها رجال الدين الإسلامى والمسلمين.

وبحسب استطلاع رأى أجراه مركز «كومريس» لصالح هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سى»، فإن 94% من المشاركين أكدوا أنهم سرعان ما يبلغون رجال الشرطة لو فكر أى شخص بمجتمعهم فى تنفيذ أى عمل عنف، أو حتى يخطط للقيام به، ولكن هذا لا يحيدنا عن الإقرار بأن التحديات مازالت قائمة: فكيف يمكننا الجزم بأن شخصا ما لديه ميول إرهابية أو ينتمى بالفعل لخلية إرهابية؟ لقد علمنا أن هجمات باريس والأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم الأسبوع الماضى وهم فى حالة سكر أحدهم يمتلك حانة، نعلم أن بعض الأفراد يعيشون ويمضون قدمًا فى تخطيط العمليات وإدارتها على هامش المجتمع وعبر الإنترنت، فكيف من الممكن لمسؤولى المساجد ومرتاديها أن يرصدوا هذه الحفنة من الأفراد ويُبلغوا عنهم؟

وفيما يتعلق بالسؤال الثالث: هل من الممكن للمجتمعات المسلمة أن تسهم بشكل أكبر فى رصد الإرهابيين والمساعدة فى تتبعهم؟

بالطبع الإجابة نعم، فالجاليات الإسلامية حالها حال أى قطاع مجتمعى آخر، تسهم جهودها فى تحقيق الهدف المطلوب، ولابد أن تتضافر الجهود المجتمعية، ويكون ثمة اشتغال على تأسيس بُنى مجتمعية أكثر قوة يمكنها الوصول إلى من يقبعون على أطراف هذا المجتمع ويعانون حالة من الانعزال عنه، ودمجهم داخل نسيج المجتمع، بما يساعد على مواجهة الجريمة ومحاربة الإرهاب أينما وُجد ورُصد.

نقلًا عن صحيفة «إندبندنت» البريطانية

ترجمة- أمانى عبدالغنى