أدافع فى هذه الزاوية عن الإسلام. هذا واجب. أدافع أيضاً عن المملكة العربية السعودية ومصر والسلطة الوطنية الفلسطينية وغيرها، من دون أن أكون محامى دفاع عن أحد.
لا بلد عربياً يمكن أن يوصَف بأنه تلك الديمقراطية الأثينية التى قرأنا عنها فى الكتب. غير أننى أدافع عندما أقرأ أن السعودية على وشك الإفلاس أو أفلست، أو أن النظام فى مصر متهم بمئات من حوادث الخطف والاختفاء والتعذيب.
أرجو أن يكون واضحاً قبل أن أكمل أننى لا أدافع عن بلادنا بقدر ما أتهم الطرف الآخر، وموضوعى اليوم مصر، فبين يدى بضعة عشر خبراً وتعليقاً من الأيام الأخيرة فقط كلها سلبى سيئ.
افتتاحية «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» بين كتّابها صحفيون مهنيون يبحثون عن الحقيقة، وأيضاً ليكوديون من أنصار إسرائيل، أى دولة جريمة الاحتلال والقتل والتدمير.
قرأت قبل أيام افتتاحية فى «واشنطن بوست» تصدق كل تهمة توجَّه إلى النظام فى مصر وإلى الرئيس عبدالفتاح السيسى. كل كلمة من جماعات حقوق الإنسان تؤخذ وكأنها إنجيل (ما يعادل القرآن الكريم أو الوحى بالعربية)، فالتهم أكيدة وثابتة، كأن الجريدة وكتابها شهدوها بأنفسهم.
على سبيل المقارنة، إسرائيل شنت فى السنوات الأخيرة حروباً على الفلسطينيين وقتلت ألوفاً منهم، بينهم مئات الأطفال. لا أذكر أن افتتاحية «واشنطن بوست» قالت إن حكومة بنيامين نتنياهو إرهابية مجرمة، أو أدانت الاحتلال والمستوطنين. بل إن افتتاحية «واشنطن بوست» تتحدث عن طلب الاتحاد الأوروبى عدم بيع السلاح إلى مصر بعد مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، وتقول إن هذا الموقف يجب أن ينطبق أيضاً على الولايات المتحدة، التى تريد إدارة أوباما أن تقدم لها مساعدة عسكرية بمبلغ 1.3 بليون دولار ضمن الموازنة الأمريكية السنة المقبلة.
الافتتاحية لا تقول أبداً إن الولايات المتحدة تقدم رسمياً إلى دولة الإرهاب إسرائيل أكثر من ثلاثة بلايين دولار من المساعدات العسكرية وغيرها، وبلايين الدولارات الأخرى من وراء الستار، بموافقة ليكود «واشنطن بوست». مصر لا تحتل بلداً آخر، ولا تقتل أطفاله، ولا تسرق البيوت وتتركها لمستوطنين يعيشون على خرافات لا آثار إطلاقاً على الأرض تثبت شيئاً منها.
مصر لا تتلقى مساعدة أمريكية وإنما رشوة لتبقى ضمن عملية السلام، وما يُدفع لها يجب أن يُحسَب ضمن المساعدات لإسرائيل، فسببه الوحيد ألا تنسحب مصر من معاهدة السلام كما أريد أنا.
كل ما يحتاج إليه رئيس مصر هو أن يلقى خطاباً حماسياً وسيخرج مائة مليون عربى يهتفون «الموت لإسرائيل».
عبدالفتاح السيسى أنقذ مصر من حكم الإخوان المسلمين، ومن الفوضى التى تبعت ثورة الشباب سنة 2011. أتمنى عليه ألا يفقد لقب «المنقذ» والتهم تتراكم ضد ممارسات بعض أجهزة النظام.
هو يستطيع أن يطلق الحريات المدنية فى يوم واحد، وأن يمنع كل تجاوزات الأجهزة لحقوق المواطنين، وسيجد أن شعبيته ستزداد أضعافاً إذا فعل. هناك مساحة من الحرية فى الميديا المصرية، وأقرأ انتقادات له بين يوم وآخر، إلا أن ميديا ليكود أمريكا تتجاهل ذلك لتركز على أخبار السوء، وكأن لا أخبار أخرى من مصر أو عنها.
أقبل أن أدخل فى رهان «جنتلمان» بدل فلوس مع الرئيس السيسى، وأنا واثقٌ من أننى سأفوز، إذا أطلق الحريات، ضمن نطاق القانون طبعاً، لأن كسبه من إطلاقها يزيد عشرات المرات على كتم الحريات أو الحد منها.
مصر بلد كل عربى، ورشادة الحكم فيها نموذج للبلدان الأخرى، فأرجو أن تسير مصر وبلادنا كلها فى الطريق الصحيح، لتبنى مستقبلاً واعداً لأبناء الأمة جميعاً.
نقلاً عن جريدة «الحياة» اللندنية