الرئيس ينفخ فى قربة مقطوعة

صبري غنيم الأربعاء 23-03-2016 21:30

تحت يدى صورة من رسالة خطيرة لمعالى رئيس الحكومة من إحدى شركات التدريب العالمية فى مصر تعلن انسحابها ووقف نشاطها بسبب إهمال وزارة الإسكان فى الإفراج عن ١٧ شحنة من المعدات أهدتها الشركة لمراكز التدريب التابعة لجهاز التعمير، وكانت تتوقع استخدام هذه المعدات لتحقيق مطلب الرئيس فى تدريب العمالة المصرية.. اكتشفت الشركة أن وزارة الإسكان تتقاعس فى الإفراج عن المعدات مع أنها معدات حديثة لم يسبق استخدامها فى مصر، ونتيجة تلكئها أصبحت الشركة الناقلة تطالب بخمسة ملايين جنيه غرامات عن الأرضيات والنولون، وهددت بطرح الـ١٧ كونتينرز فى مزاد علنى.

هذه الوقائع تؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى ينفخ فى قربة مقطوعة، فالرجل يهمه الارتقاء بالعامل المصرى، ومن ناحية أخرى أعلن رفضه الاستعانة بالعمالة الهندية.. ولا أعرف لماذا لم يتم تفعيل مطلب الرئيس.. لماذا لم يتحمس وزير الإسكان ويكشر عن أنيابه ويحاسب الذين تسببوا فى تطفيش الشركة الدولية للتدريب؟!.. هل يعقل أن تهدى شركة وزارة الإسكان معدات للتدريب قيمتها تزيد على الخمسة ملايين جنيه هدية مجانية وغير مشروطة ثم تهمل الوزارة فى الإفراج عنها ويتوقف برنامج التدريب للشركة بسبب عدم توافر أى معدات فى مراكز التدريب الحالية؟!

وهنا أقول للرئيس السيسى: كان الله فى عونك.. تطالب بالارتقاء بالعامل المصرى مهنيا، ولكن هناك أشخاصا يحملون معاول الهدم ولا يريدون خيرا لهذا البلد، شركة كشركة التدريب التى أرسلت خطابا لرئيس الحكومة تعلن توقف نشاطها ماذا ننتظر بعد الخسائر التى لحقت بها؟.. جهاز التعمير سلمها مركزين هما «المنيا والمنصورة» كبداية لتعميم التجربة فى بقية محافظات مصر، والشركة قامت بترميم المركزين وتجهيزهما من حسابها، بحيث تبدأ الدورات التدريبية عند الإفراج عن المعدات، ماذا تتوقعون من شركة قامت بتدريب مدربين مصريين فى ماليزيا وبريطانيا على اعتبار أن الشهادة التى ستُمنح للعامل المصرى معتمدة من لندن ووزارة العمل المصرية، هل مطلوب منها أن تظل مستمرة فى صرف أجور للمدربين بعد ١١شهرا انتظارا بلا عمل؟!..

إن ما حدث مع هذه الشركة يحدث مع مستثمرين آخرين يمدون أيديهم لنا لرفع كفاءة العامل المصرى ونحن الذين نقوم بتطفيشهم، كنت أتوقع من وزير الإسكان أن يضع النقاط فوق الحروف ويجتمع مع المستثمرين فى التدريب، على الأقل يشعرهم بأن الدولة ترحب بهم وتمد أيديها لكل يد تقدم العون للعامل المصرى.. الوزير يعلم أن الاستثمار فى التدريب عائده علينا وليس على المستثمر لأن الاستثمار فيه لا يحقق عائدا ماديا.. ألا يستحق كل من يستثمر فى التدريب أن نشكره؟!

أقسم بالله لو أنا مكان وزير الإسكان وتحت يدى أكثر من ٨٠٠ مركز تدريب لقمت بتحويلها إلى جامعة.. إن هذه المراكز كنوز لا نعرف قيمتها فكيف يغمض وزير الإسكان عينه عنها؟.. لقد كان فى استطاعته تدريب الشباب على الأعمال الفنية الحرفية ورفع قدرات العامل المصرى وإتاحة الفرصة له ليزداد بالعلم والمعرفة بكل جديد فى التكنولوجيا.. فالرئيس يطالب بأن نوفر للعامل المصرى لقمة عيش له ولأسرته.. لكن للأسف لم نسمع أن وزارة من الوزارات المعنية بالتدريب استجابت لمطلب الرئيس.

الذى يُؤسف له أن الرسالة التى لدىّ صورة منها لرئيس الحكومة قد يقرؤها وقد لا يقرؤها، ولذلك أرسل مستثمرو الشركة الدولية صورة منها إلى رئيس الجمهورية، على اعتبار أنه الأب الروحى للعمالة المصرية.. الرجل ينام وفى رأسه العامل المصرى، فعندما عرض عليه اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية، فكرة الاستعانة بالعمالة الهندية لكسب الوقت فى التشغيل، والرئيس يعرف عن اللواء الوزير أنه صاحب مدرسة وله بصمة على صدر الحفارين الذين برعوا فى حفر القناة الثانية، وفكرة الاستعانة بعمالة أجنبية لا تلغى التدريب، لكن وجهة نظر الرئيس أنه يريد للعامل المصرى أن يكون شريكا فى المشروعات العملاقة من البداية، ولذلك أعلن رفضه البات لجلب عمالة من الخارج.

السؤال هنا: هل اللواء كامل الوزير على استعداد أن يحتضن الشركة الدولية للتدريب، التى تبرعت بمعدات تدريب لوزارة الإسكان ولاتزال فى الجمارك منذ أحد عشر شهرا، مؤكد لو أن هذه الشركة فى أحضان اللواء الوزير لاستفاد من خبرتها وأطلق يديها فى التدريب بالخبرات التى لديها.

ghoneim-s@hotmail.com