قرأتُ بيان وزارة الخارجية عقب هجمات بروكسل.. فلم يتأخر المتحدث الرسمى ولم ينتظر.. وتصرفت مصر برقى شديد.. فلا الخارجية طلبت عودة الرعايا المصريين، ولا الحكومة أصدرت قرارات بإعلان بروكسل منطقة منكوبة.. هكذا مصر الحضارة لا تشمت.. وهكذا مصر الكبيرة لا «تُعاير» فى المصائب.. فلم تسخر من إجراءات تأمين المطارات، ولم تطالبهم بالصلح مع الإرهابيين، كما يفعلون معنا!.
لا أعرف إن كان الرئيس قد ناقش تداعيات غزوة بروكسل، أمس، فى لقاء المثقفين والأدباء أم لا؟.. لكننى أتوقع أن يكون قد تحدث عن الإرهاب بشكل عام، وكيف تعاملت معه مصر، وقد يقود ذلك إلى ما طرحه البعض من مبادرات حول الصلح مع الإخوان.. فهل يصح الآن التصالح مع خونة وإرهابيين؟.. أرجو أن تجيب أوروبا أولاً؟.. وأرجو أن يجيب النشطاء، وأصحاب الدكاكين الحقوقية عن السؤال!.
هكذا روّع الإرهابيون العالم أمس.. أرادوها أن تكون غزوة بروكسل الكبرى بعد غزوة باريس.. وأرادوها أن تكون أشبه بهجمات 11 سبتمبر، وإن كانت أقل فى خسائرها.. نجح الإرهابيون للأسف فى أن يضربوا المطار والمترو فى وقت واحد.. لا يستخدمون الطائرات هذه المرة، ولكنهم ضربوا المطار نفسه.. أصيبت أوروبا كلها بالشلل، وخرج زعماء أوروبا يعلنون حالة الطوارئ ومكافحة الإرهاب فوراً!.
فى التاريخ أيام لا ينساها الناس.. 11 سبتمبر مثلاً يوم لا ينساه الأمريكان.. وأيضاً 22 مارس يوم لن ينساه البلجيكيون أبداً.. و13 نوفمبر يوم لا ينساه الفرنسيون.. والبقية تأتى.. ما دامت واشنطن ترعى الإرهابيين، وما دام أوباما يغازل الإخوان، وما دامت أوروبا تحتضن التنظيم وتموله و«تعلفه».. هل سيتحدثون عن حقوق الإرهابيين؟.. هل سيطالبوننا بالصلح معهم وإدماجهم فى الحياة السياسية؟!.
أقول لماذا انتظرتُ بيان الرئاسة؟.. ببساطة، لأن مصر حين تتكلم على لسان رئيسها، فهى تُعتبر مرجعية فى هذا الشأن.. وأظن أن أوروبا يجب أن تتعرف على موقف مصر وخبراتها، كما أنها يجب أن «تستوعب» ما قاله الرئيس لهم من قبل عن تنظيم الأشرار.. فمنذ زمن ومصر تدعو إلى مؤتمر دولى عن الإرهاب.. ظنوا أنها مشكلة خاصة تتعلق بمصر، حتى توجهت الغزوات حالياً للغرب «الكافر»!.
لا نقول إن أوروبا تستاهل ما جرى لها، ولا نقول ما تقوله أوروبا وأمريكا بشأن الأمن وحقوق الإنسان.. ولا نوقف الطائرات، ولا نطلب ترحيل الرعايا، ولا نعتبر بروكسل منطقة منكوبة.. فهكذا تعاملوا معنا فى أحرج اللحظات.. لكننا لا نمانع فى مساعدتهم حتى يتخلص العالم من شرور التنظيم الإرهابى.. قلنا إن الإرهاب سوف يطالهم قريباً وقد حدث، ولكن فى صالات المطارات، وليس فى صحراء سيناء!.
لا مانع أن تصالحوا الإرهابيين، ولا مانع أن تطلقوا سراح صلاح عبدالسلام.. فلا مانع بالمرة.. ادمجوهم فى الحياة السياسية.. وأعطوهم نصيباً فى الحكم.. امنحوهم الوزارات والهيئات.. أعطوهم فرصة لممارسة سياسية حقيقية بدلاً من أن يتجهوا للإرهاب.. طبقوا ما تقولون من نظريات ديمقراطية على أرض الواقع!.