زلة اللسان أم زلة القدم؟
أيهما الأولى بالعقاب؟ الكلام أم الفعل؟ تقول الحكومة إنها تعاقب بعض مسؤوليها على زلات اللسان (أحيانا) ولكنها لا تعاقبهم على زلات القدم حتى لو كان أحيانا. مسموح فى نظر الحكومة أن يسىء المسؤول بها إلى الشعب وإلى التاريخ بل وإلى الحكومة ذاتها. ولكن غير مسموح لأحد أن يسىء إلى نفسه!
إذا كانت العقوبة التى ألحقتها الحكومة بوزيرى العدل سابقا ولاحقا بسبب زلة اللسان. فقد زلت ألسنة الجميع قبلها ولم تلحق بأحدهم عقوبة من أى نوع. فقد زل لسان الزند نفسه مرات ومرات ولم يجد من يرد زلاته حتى ولو بلفت النظر أو العتاب فضلا عن اللوم. لسان الزند مارس زلاته كثيرا. وزلات القدم أكثر. ولم يجد من يرده حتى كانت آخر زلة تلك التى جاءت له بالمذلة!
زل لسان الزند حين وصف القضاة بأنهم سادة البلد، وغيرهم العبيد. وزل لسانه حين قال بأن توريث القضاء حق لأبنائه حتى لو كانوا غير مؤهلين له. وأن عنده حفيدتين سيعينهما بالقضاء إذا طال به الأجل. وزل لسانه حين وصف توريث القضاء بأنه الزحف المقدس الذى لا يستطيع أحد إيقافه. بل إنه فى حواره الذى تضمن زلة لسانه التى أودت به. زلات كثيرة لم يعاتبه أو يعاقبه عليها أحد. فهو وزير العدل الذى اغتصب لنفسه اختصاص القضاء- وهو المسؤول بالسلطة التنفيذية- وليس بقاض ليعطى لنفسه الحق بحبس الصحفيين أو أى من يخطئ فى حقه حتى ولو كان نبيا- كما ورد على لسانه- هكذا صور له جنون السلطة وغرورها أن من حقه الحبس أو الإعفاء تغولا على اختصاص أصيل للقضاة وحدهم. وهو الذى طالب بسن تشريع يسمح بتوقيع العقوبة على والديى من يرتكب عملا إرهابيا لأنهما لم يحسنا تربية ابنهما. فهل يقبل الزند عقاب السيسى لأنه لم يحسن اختيار مسؤوليه؟.. ضاربا عرض الحائط بنصوص قانونية بل وإلهية تؤكد أن العقوبة شخصية على من ارتكب الجرم. ولا يوجد فى القانون- وضعيا كان أو إلهيا- ما يسمح بأخذ أحد بجريرة أحد. الزند لم يكن مبارك حتى وإن كان المرشح الأثير والأنسب لنظامه للوقوف فى وجه تيار الاستقلال المناهض لمبارك. كما أنه لم يكن رجل مرسى حتى وإن ردد فى أكثر من مناسبة داعما مطالب جماعته. وهو ليس رجل السيسى وإن بدا فى الظاهر معارضا لحكم الإخوان أو داعما لنظام يونيو. الزند باختصار ليس برجل أى رئيس تولى حكم البلاد. هو فقط رجل الزند وحده الذى عرف دوما طريقه إلى الكرسى ليأخذه بحقه تزلفا مرة أو جفاء مرة!!
لقد مارس الزند زلات القدم مرات. كما مارس زلات اللسان أكثر. ومع ذلك جاء خروجه من السلطة ليؤكد خطأ دخوله إليها. فهل غضبت الحكومة لمساس أحد رجالها بمقام النبى حقا. أم أنها غضبت بمساسه بها حين كشف عن أن أبواب سجونها مفتوحة لكل من يعارضها حتى وإن كان نبيا من الأنبياء؟.. نظام قد يحبس الأنبياء ولكنه يمنح عفوه للفسدة والخونة واللصوص من تجار الموت!!