تخيـلوا...

جمال الجمل الجمعة 18-03-2016 21:19

(1)

هل قرأت قصة الفقير البائس الذي ادخر مبلغا صغيرا لشراء معطف يقيه من البرد، فوجد في جيب المعطف خريطة الكنز الذي يحلم به الجميع؟

(2)

لا يهم، فأنا لم أقرؤها، وربما لا تكون هناك قصة عن ذلك، لكن هذا لا يعني أنني أخدعك، فالمغزى نفسه تكرر في قصص كثيرة، والأجمل أنه يتكرر في الحياة أيضا، ولعلك تتذكر درس «هابي أكسيدنت» في كتاب اللغة الإنجليزية، الذي يتحدث عن اكتشاف الكثير من المخترعات بالصدفة و«الحظ السعيد»!

(3)

الأمر لا يتعلق بالجهود التي بذلها الأطباء لاختراع دواء للقلب، لكن الصدفة مثلاً تخلت عن القلب، وجعلت من الفياجرا كنزا في اتجاه آخر، هكذا كان الحال في اختراع أشعة أكس، والميكرو ويف، وتفاحة نيوتن، وحمام أرشميدس..!

(4)

الحديث عن «الحظ السعيد» في أحد أشكاله هو حديث عن الأمل، عن الحلول التي تظهر فجأة بالرغم من أنك قد تكون يئست من مجرد التفكير فيها، وأسقطتها من اهتمامك، وذهبت تبحث عن شيء آخر، هذا يعني أن هناك أهداف ممكنة، ومع ذلك عندما تتعب من أجلها، لا تتحقق.. أو تتحقق بصعوبة، وهناك أشياء صعبة قد تستبعد التفكير في تحقيقها، لكنها تتحقق من تلقاء ذاتها، بالصدفة، أو بجهد بسيط، إنها مثل الهدايا التي تتلقاها بدون مناسبة.

(5)

كلما فكرت في فكرة الهدايا، ومفاجآت الحظ السعيد، غلب على تفكيري أمر «القوى الخفية» التي تعيد صياغة أفعال البشر، فتجعل الصغير كبيرا، والكثير قليلا، وتغير المسارات، وتبدل الاتجاهات، وتأخذ الهند من ماجلان لتعطيه مالم يكن في الحسبان.

(6)

تخيل أنك تقف عاجزا أمام باب حديدي ضخم لقلعة محصنة، تعرف أن حبيبتك المفقودة حبيسة بداخلها؟

(7)

تخيل أن الحارس العجوز الوحيد للقلعة أخبرك بكل هدوء، أن حبيبتك بانتظارك في أبهى صورة، لو استطعت الدخول، ونصحك بأن محاولة كسر الباب، أو اختراق الجدار، قد تستغرق عمرك كله، من دون أن تنجح في الدخول، فما هو الحل؟، وما هي أسهل طريقة لعبور الموانع وإنقاذ الحبيبة؟

(8)

أعرف واحدا من الأبطال الأقوياء ظل يحلم بأطنان من المتفجرات، لتدمير الباب أو فتح ثغرة في الجدار، وعندما اجتهد وحصل على قدر معقول مما فكر فيه.... الله يرحمه بقى، مات أثناء تنفيذ التفجير..!

(9)

وأعرف أيضا عاشقا نحيلاً لا يؤمن بالعنف، ففكر في البحث عن المفتاح.

(10)

أيوه «المفتاح»..

إنه «الصغير» الذي يفتح «الكبير»، إنه «قيراط الحظ» الذي يتفوق على «فدان الشطارة»، و«هكتار القوة».

هل تأملت فكرة المفتاح، وأدركت سحره وقوته؟

هل تأملت الفارق بين المتسرعين في تحطيم الأبواب، وتدمير الجدران، وبين الباحثين عن مفاتيح الدخول بسلام؟

هل تأملت الفارق بين العنف والسياسة؟.. بين الغلظة والحكمة، بين الخناق والوفاق، بين العقل والقمع؟

(11)

تخيل...

هل تخيلت؟

إذن أنت مؤهل للعثور على المفتاح..

(12)

تخيل دائما، فالخيال نعمة، تأمل دائما فالتأمل حكمة

tamahi@hotmail.com