الرئيس عادل إمام

أسامة غريب الخميس 17-03-2016 21:23

أنا لا أشاهد برامج تليفزيونية، لكنى قرأت نفس الخبر فى عدد وافر من مواقع الصحف. يقول الخبر: كشف الفنان عادل إمام أنه قابل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ذات مرة وقال له: «أنا لو رشحت نفسى ضدك سأكسبك».

نسبت الصحف لعادل إمام هذا القول فى برنامج تليفزيونى اسمه «نعم أنا مشهور».

من الطبيعى أن صهبجية الفنان سيسعدون أيّما سعادة بحبيبهم الجامد الذى تبادل القفشات مع الزعيم عبدالناصر، وتحدث معه بنديّة كما لو كان يحادث سعيد صالح أو يونس شلبى، لكن هؤلاء فاتهم أن عبدالناصر مات عام 1970، وهذا الحوار المفترض لابد أن وقائعه جرت فى تاريخ ما من فترة الستينيات، لكن يؤسفنى أنه فى تلك الفترة لم يكن بمقدور عادل إمام أن يتفوه بكلام كهذا فى وجه ممثلين كوميديين زملاء من أمثال فؤاد المهندس وأمين الهنيدى ومحمد عوض، وهم نجوم تلك الفترة.. نعم، لم يكن يستطيع لأنه كان فى حقبة الستينيات مجرد كومبارس متكلم، وأهم ما قدمه كان دور دسوقى أفندى فى مسرحية المهندس وشويكار عندما قال: بلد بتاعة شهادات. كان هذا هو الإنجاز الأشهر لعادل إمام فى تلك الفترة، فكيف بالله عليكم وعلى اللى خلفوكم يمكن لجمال عبدالناصر أن يقابل ممثلاً صغيراً وفى أى سياق؟ إن عبدالناصر يا سادة لم يكن يقابل إلا القمم فى الفن من أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم، لأنهم كانوا بسبب موهبتهم وحب الناس لهم أبواق دعاية للنظام، فماذا كان يمثل عادل إمام فى تلك الفترة بالنسبة لنظام الحكم؟ صحيح أن إمام قد حقق فى مرحلة أخرى نجاحاً كبيراً وأصبح يتقدم الصفوف فى دنيا مشاهير الممثلين، لكن هذا كله تحقق فى زمن مبارك وليس فى زمن عبدالناصر. إننا حتى لو نظرنا إلى العمل الشهير الذى آذن ببداية انطلاقة عادل إمام وهو مسرحية «مدرسة المشاغبين»، فإنها لم تظهر إلا عام 1972 أى بعد وفاة جمال عبدالناصر، والأقرب للحقيقة أن الزعيم الخالد لم يسمع فى حياته بممثل اسمه عادل إمام.. فلماذا الادعاء والاختلاق والتأليف، وماذا يضيف بالنسبة لفنان حقق كل ما يريد؟ إننى أزعم أن حسنى مبارك الذى يعشقه عادل إمام، والذى كان يجتمع أحياناً بفنانين نُص لبة لأن صحبتهم كانت تسعده، لم يكن من الممكن أن تقال فى حضرته دعابة كهذه، فما بالنا بشخص مثل عبدالناصر كان يمتلك الحضور والكاريزما والنظرة الصارمة والأجهزة الأشكيفية المخيفة.. كل هذا كان يخلق مهابة لا تجعل من السهل التباسط معه فى الحديث. فضلاً عن شىء مهم للغاية.. أى انتخابات تلك التى يمكن أن يدخلها ضد عبدالناصر؟ إن ذلك العهد لم تكن به انتخابات رئاسية بين أكثر من مرشح حتى يمكن لحديث المنافسة هذا أن يكون مفهوماً!.. ولقد كانت الرئاسة والسلطة هى قدس الأقداس بالنسبة لجمال عبدالناصر بالنظر لكونه كان زاهداً فى المال والطعام والنساء ومتع الحياة التى كان ينهل منها رفقاؤه.. فكيف يأتى شخص لا يعرفه أحد لينازعه فيها ولو بالمزاح؟.. يا جماعة اكذبوا لكن بالمعقول!.