عندما تدور عجلة الحياة بسرعة تجد كل شىء حولها يسابقها. ووسط زحام المدينة بالمارة والسيارات- خاصة فى أوقات الذروة- وهرولة الركاب تجاه سيارات الركوب (المشروع) لم يعد هناك مجال للحوار، فأصبحت لغة الإشارات السبيل الأمثل للتفاهم بين الركاب والسائقين، التى تعبر عن المكان المقصود.
عليك أن تقف بعيدا وتشير.. لا تحتاج أن تقترب كثيرا من الميكروباص «المشروع»، فقط قف على الرصيف، وقم ببعض الإشارات بيدك لتصل إلى المكان المطلوب، إذا كنت من ركاب منطقة «الموقف»، فعليك أن تفرد كفك لأعلى، وتشر إلى السائق، أما إذا أردت الذهاب إلى «الورديان»، فأشر بعلامة الدائرة بإصبعك.
ومنطقة «الساعة» ليست بعيدة عن هنا، فيمكنك الإشارة بعلامة ساعة لكى تصل لهناك، وبالقرب منها تجد «سيدى بشر»، التى يشار لها بإصبع السبابة وحده للأرض، و«العصافرة» ليست بعيدة عنها، فبها أشهر شارع ويسمى شارع 45، فمجرد أن تشير للسائق بأربعة أصابع مفرودة وإصبع الخنصر تثنيه وتبسطه يوصلك إلى أشهر شارع بمنطقة العصافرة، و«المندرة» فعلامة طوالى «بالعامية» المصرية ببسط اليد كلها، يفهم من خلالها السائق وجهتك التى تريد الذهاب إليها.
ومنطقة «أبيس» لها علاماتها المميزة الخاصة بها، فهناك «أبيس 8» يشار لها بإصبعين لأسفل فى إشارة لرقم الثمانية، و«أبيس 4» بأربعة أصابع مبسوطة، ولا تختلف «أبيس 7» عنها كثيرا فبنفس الرقم 7 تشير للميكروباص، ليوصلك إلى هذه المنطقة الريفية.
فى البداية قال عم إبراهيم، أحد سائقى «المشروع»، إن استخدام لغة الإشارة يعد أحد العوامل التى ظهرت نتيجة الزحام وسرعة وتيرة الحياة، فلم يعد هناك مجال للحوار بين السائق والراكب، وأوضح: «لا أستطيع أن أقف لكل من يسألنى»، فأصبحت الإشارة الحل الأمثل فى ظل هذه الظروف للتواصل.
وأضاف عم إبراهيم أن استخدام الإشارة أصبح له مردود اقتصادى، حيث يوفر على السائق كثرة التوقف، التى تؤدى إلى سرعة تآكل تيل الفرامل، وفى الوقت نفسه تخفض استهلاك البنزين أو السولار وزمن الرحلة، وتحد من الازدحام المرورى.
وقال عبدالستار محمد، موظف: إن استخدام الإشارة يوفر الكثير من عناء الهرولة خلف السيارات، للسؤال عن مقصد السائق، خاصة فى السيارات التى لا يضع عليها السائقون لوحات إرشادية بخط السير أو يلجأون إلى تغيير خط السير قبل الوصول إلى نقطة النهاية.
وأضاف «عبدالستار»: إن الركاب يلجأون إلى هذه الإشارات، نتيجة لعشوائية الركوب والنزول، وعدم وجود محطات متقاربة يلجأون إليها، مشيرا إلى أن ذلك يساهم فى وقوف الركاب فى طابور بطول الكورنيش فى «انتظار المشروع» فى شكل غير حضارى يشوه الذوق العام، على حد وصفه.
من جانبه قال الدكتور محمد بيومى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية، إن لغة الإشارة شىء متأصل وقديم عند المصريين، ويلجأ إليها الشخص أحيانا عندما يصعب عليه استخدام اللغة المنطوقة أو المسموعة.