- أنا أفهم أن أى تعديل وزارى لا يحدث إلا فى حكومة قوية عندما يستشعر رئيسها ضعف عدد محدود من الوزراء، ويرى تغييرهم بوزراء أكفأ حتى لا تهتز صورة الحكومة أمام الرأى العام.. فما بالك بحكومة مهزوزة أصلا، لا طعم لقراراتها ولا رائحة نجاح لها فى الشارع السياسى.. والسبب أن رئيسها غلبان لم يسبق له أن دخل مدرسة صناعة القرار قبل أن يختاره رئيس الدولة لرئاسة الحكومة.. ولا أعرف ما هى الحيثيات التى استند عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اختياره لشخصية شريف إسماعيل هل لأن الرئيس يفضل معيار الثقة على معيار الخبرة فى الاختيار.. من الواضح أن الثقة عند الرئيس هى رقم واحد بدليل أن الشفافية والنزاهة اللتين يتمتع بهما شريف إسماعيل أهلتاه لهذا المنصب ومش مهم الخبرة على اعتبار أن العمل التنفيذى والاحتكاك بمشاكل الجماهير سوف تكسبه مزيدا من الخبرة..
.. الرئيس السيسى لم يكن موفقا فى اختيار شريف إسماعيل خاصة أنه أتى به بعد عنتيل ومحارب شرس اسمه إبراهيم محلب.. فالشارع المصرى أحب محلب لاقتحامه مشاكل الجماهير، وما من كارثة أو تجمع أو اعتصام عمالى إلا ونزل إليه بنفسه وحشر نفسه فيه كواحد من أصحاب المشكلة وليس كرئيس للحكومة.. وبعقله وحنكته كان محلب صمام الأمان فى هدوء واستقرار البلد، لكن حظه أن يستريح ويترك موقعه كرئيس للحكومة قبل أن يطوله غبار الزمن الردىء.
- وعلى الرغم من ضعف شخصية شريف إسماعيل استبشرنا خيرا بخلافته رئاسة الحكومة بعد تقديم محلب لاستقالته، وتوقعنا وجوها جديدة فى الوزارة.. لكن للأسف.. لم يحدث جديد بل الذى حدث أن احتفظ شريف اسماعيل بالأجنحة الاقتصادية التى أتى بها محلب، فرأينا نجومية الحكومة تنحصر فى شخص وزير التموين خالد حنفى على اعتبار أن هذا الرجل ارتبط بـصداقته لرجل الشارع.
- أنا شخصيا لا أنكر أن شريف إسماعيل رجل ذو أخلاق عالية جدا، لكن كفاءته فى اتخاذ القرار ضعيفة جدا ومعظم الذين عملوا معه أيام ما كان وزيرا للبترول يعرفون عنه هذا.. أنا شخصيا لى معه تجربة فقد نقلت إليه شكوى من العاملين فى شركة البترول البحرية عن إمبراطورية موظفى الرقابة الإدارية المنقولين للعمل فى الشارع ومدى سيطرتهم على الجهاز الإدارى بالشركة.. وتوقعت منه كوزير أن يرفع البطش والغبن عن الضعفاء وإذا به يحيل هذه الشكوى إلى مسؤول الإعلام بالوزارة للاستماع إلى عدد من المتضررين.. ولم يتوقع هؤلاء الغلابة أن يفصح مسؤول الإعلام عن أسمائهم للمشكو فى حقهم على اعتبار أنهم يمثلون مراكز قوى.. وتحدث المفاجأة أن يفتح المشكو فى حقهم صدورهم وهم يتحرشون بالشاكين ويتوعدونهم بالأدب.. ورغم ذلك فشل الوزير فى تحقيق مطالب هؤلاء الضعفاء.. لذلك كنت مندهشا لاختياره رئيسا للحكومة.. فالذى يفشل فى حماية موظف صغير.. يفشل فى حماية شعب.
- بدليل أن ضعف شخصية رئيس الحكومة انعكس على وزراء الخدمات الذين اكتفوا باتخاذ القرارات الشفوية ولم نسمع أن وزيرا منهم اتخذ قرارا خطيا وأقربهم وزير الإسكان والذى سيكون له نصيب خاص من تناول سلبياته الأسبوع القادم.
- أما لماذا فشلت حكومة شريف إسماعيل وأصبحت لا تستحق أى تعديل وزارى.. وهنا أقول.. من يتابع الرئيس السيسى يجد أن هذا الرجل يعمل بدون الحكومة.. الرئيس فى واد والحكومة فى واد آخر وياليتها تحقق شيئا.. حتى أصبح الرئيس السيسى القوى المؤثرة فى الشارع المصرى من خلال طرحه مرئياته وتخطيطه للمستقبل.. لكن حكومتنا لا تحمل رؤية وليس عندها منظور للمستقبل والدليل استعانة الرئيس السيسى بالهيئة الهندسية لأنها الأكفأ فى تنفيذ جميع المشاريع العملاقة ولم يكلف وزارة من الوزارات بأى عمل.. وكثيرا ما يجتمع بوزراء فى غياب رئيس الحكومة حتى أشعرنا بأن هناك فجوة بين الرئيس وبين الحكومة.. وهذه حقيقة.
- كلمة أخيرة أقولها بمناسبة التعديل الوزارى المرتقب.. كفانا تغيير حقائب وزارية وعلينا أن ننتظر مجلس النواب فقد يطيح بالحكومة كلها.. وساعتها سيكون القرار الأفضل عن ترقيع المناصب الوزارية.