تحول افتتاح ندوة «في الفكر النهضوي الإسلامي» اليوم الأربعاء بمكتبة الإسكندرية إلى الوقوف على ثمار ما اعتبره باحثون سوء نية متعمدا من جانب الغرب لتشويه صورة الإسلام واعتبار المسلمين عدوا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي حسب ما ذهب «إسماعيل سراج الدين» مدير المكتبة.
حيث قال «سراج الدين» أن هناك من "يريدون تشويه الإسلام" في إشارة إلى الولايات المتحدة والغرب عموما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي قبل نحو 20 عاما.
وأضاف أن "هذا مخطط كتب عنه كثيرون منهم الأمريكي الراحل «صمويل هنتنجتون» في كتابه «صدام الحضارات» ونفذ المخطط الرئيس الأمريكي السابق «جورج بوش» وزملاؤه" في إشارة إلى الإدارة الأمريكية السابقة (2000-2008).
وقال "هذا موقف معلن وليس مخططا سريا" مضيفا أن ردود الفعل في العالم الإسلامي تجاه بعض المواقف الغربية تدخل أحيانا ضمن مسلسل "إذكاء صراع الحضارات" ومنها استنكار بعض الدوائر العربية والإسلامية لنتائج الاستفتاء على حظر بناء المآذن في سويسرا موضحا أن الحكومة السويسرية نفسها "استنكرت" نتائج الاستفتاء.
وكان السويسريون قد أيدوا في 29 نوفمبر الماضي بأغلبية 57.5 % حظر بناء المآذن.
وقال «سراج الدين» "من الأنسب النظر إلى مثل هذه الأمور انطلاقا من الآية القرآنية "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".. أن ننظر إليها (نتيجة الاستفتاء) على أنها زلة قدم."
وندوة «في الفكر النهضوي الإسلامي» التي تستمر يومين يشارك فيها باحثون من 15 دولة عربية وإسلامية. والندوة جزء من مشروع لمكتبة الإسكندرية يهدف إلى إعادة نشر مختارات من التراث الإسلامي في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين (التاسع عشر والعشرين الميلاديين) من خلال تقديم مختارات من هذا التراث والتعريف بأهم كتابات التجديد والنهضة وأعلامها.
ومن الأعمال التي تناقش الندوة مقدماتها الجديدة (مقاصد الشريعة الإسلامية) للإمام التونسي «محمد الطاهر بن عاشور» و(دفاع عن الشريعة) للمغربي «علال الفاسي» و(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) للسوري «عبد الرحمن الكواكبي» و(مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية) لرفاعة الطهطاوي و(امرأتنا في الشريعة والمجتمع) للتونسي «الطاهر الحداد» و(تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية) للمصري «مصطفى عبد الرازق».
وقال «سراج الدين» في الافتتاح أن المكتبة بهذا المشروع تستهدف " تقديم نموذج حضاري يسهم في خروج أمتنا من حالة التراجع التي تعيشها... حتى يعلم الجميع أن التاريخ لم يصل بعد إلى نهايته... أيضا الاسهام في تنقية صورة الإسلام من التشوهات التي تلصق به" عبر ترجمة هذه الأعمال إلى الإنجليزية والفرنسية وتوزيعها على مراكز الأبحاث والجامعات ومؤسسات صناعة الرأي في مختلف أنحاء العالم وإتاحتها لشباب المسلمين من غير الناطقين بالعربية ممن يعيشون في الغرب.
وفي رأيه أن أعمال رواد النهضة بمنأى عن الأجيال الجديدة التي لا تعرف كثيرا عن اسهامات «محمد عبده» و«جمال الدين الأفغاني» والهندي «محمد إقبال» والجزائري «مالك بن نبي» و«خير الدين» التونسي مضيفا أن هذا يلقي على المكتبة عبئا مضاعفا لإعادة نشر هذه الأعمال وتيسير الحصول عليها ورقيا وإلكترونيا قبل ترجمتها.
ونوه الكاتب المصري «محمد عمارة» في الافتتاح بدور رائد التعليم والترجمة في مصر «رفاعة الطهطاوي» (1801-1873) الذي اعتبره أمير الشعراء «أحمد شوقي» "أبا الشعب" المصري لأنه سخر حياته منذ عودته من فرنسا عام 1831 لإحياء التراث الإسلامي وترجمة حصاد العلم الحديث في الغرب.
وأضاف أن «الطهطاوي» أعاد فتح الأفاق أمام العقل العربي والمسلم ثم جاء الشيخ «محمد عبده» في مرحلة لاحقة ليكون "أول من يلفت الانتباه إلى علم مقاصد الشريعة" ويدعو إلى تحقيق التراث العربي والإسلامي بعد أن كان هذا وقفا على المستشرقين