ذكرت فى «صوت وصورة»، أمس، أننى أناشد شيخ الأزهر مشاهدة الفيلم الإيرانى «محمد رسول الله»، إخراج مجيد ماجيدى، وأننى وجهت الدعوة إلى الفيلم عندما ترأست دورة 2014 من مهرجان القاهرة، ولكن الفيلم لم يكن جاهزاً للعرض، وأن هذه الدورة شهدت عرض أكثر من فيلم إيرانى، وفاز فيها فيلم إيرانى بأكبر جائزة لأول مرة فى تاريخ المهرجان.
وقد حدث كل هذا رغم أننى كناقد للأفلام لست من المغرمين بالسينما الإيرانية فى ظل نظام الجمهورية الإسلامية، مثل العديد من النقاد فى بلاد كثيرة من العالم، ولكن رئاسة مهرجان لا تعنى أن يتحكم رأى الرئيس الشخصى فيما يعرض ولا يعرض، والسبب فى ذلك أن السينما الإيرانية فى ظل ذلك النظام سينما موجهة من الدولة، بينما لا تنهض السينما ولا غيرها من الفنون من دون حرية كاملة.
ليس من المعقول مثلاً أن تكون كل الأزياء موحدة فى كل الأفلام الإيرانية، بينما ترتبط الأزياء بالدراما منذ القرن الخامس قبل الميلاد، وليس من المعقول أن تكون هناك دراما من دون أن يلمس الرجل المرأة، ولا أن تكون هناك أعمال فنية كبيرة من دون تناول علاقة الفرد بالكون (الدين) أو بالسلطة الحاكمة (السياسة) أو العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة (الجنس)، وإلا تصبح كل الأفلام موجهة للأطفال فقط.
ذات يوم من عام 2001 اتصل بى صديقى الأمريكى ريتشارد بينا، أستاذ السينما فى جامعة كولومبيا، مدير مركز لينكولن فى نيويورك، ووجه لى الدعوة لحضور حلقة بحث عن السينما الإيرانية فى جامعة كولومبيا، وقال لى لابد أن تحضر حتى تكون هناك مناقشة، لأن كل المشتركين من المغرمين بالسينما الإيرانية، ولكن مع الأسف حالت ظروف خاصة دون حضورى، وكانت الندوة تبدأ يوم 11 سبتمبر 2001، فألغيت الندوة، وفيما بعد قال لى بينا: كان اعتذارك من أمور «الميتافيزيقا»، أو ما فوق الواقع!
عملى فى نقد الأفلام يجعلنى أبحث عن مفتاح تلقى الفيلم ولو فى لقطة واحدة، وكانت مشاهدتى لقطة واحدة فى فيلم تسجيلى عن حكم الشاه قبل الثورة، وفيها يتم إلقاء المعارضين أحياءً من طائرة هليكوبتر فى محرقة القمامة، كافية بالنسبة لى لرفض ذلك الحكم، وقد عبرت فى العديد من الكتابات عن تأييدى الكامل للثورة التى اشتركت فيها كل القوى السياسية الوطنية فى إيران قبل أن تنفرد القوة التى تمثل الإسلام السياسى، بقيادة الزعيم الخمينى، بالحكم، وتستبعد كل القوى الأخرى، وكانت لقطة واحدة أيضاً كافية لرفض النظام الجديد، وهى إلقاء ماء النار على وجه طالبة جامعية لأنها غير محجبة، ولأننى أربط بين قبول الدعوة لزيارة أى بلد وبين موقفى السياسى، رفضت قبول دعوة مهرجان طهران قبل الثورة، ومهرجان فجر بعد الثورة، وكأن المقدر لى عدم زيارة إيران.