أين البرلمان الأوروبي من الهرتلة؟

الدكتور مصطفى النجار الإثنين 14-03-2016 21:23

لم أجد في القواميس العربية شرحاً لكلمة هرتلة، ولكن توطد في الوجدان المصرى أنها خليط من الهلوسة والهلفطة والدروشة والاستنطاع، وهذه المرادفات تعبر في مجموعها عن موقفنا في مصر من بيان البرلمان الأوروبى بخصوص مقتل الباحث الإيطالى، جوليو ريجينى، فاصل من الردح الذي يليق بخناقات الحوارى و(خالتى فرنسا)، انطلقت عاصفته في مصر عقب بيان البرلمان الأوروبى الذي انتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وطالب السلطات المصرية بتوفير تحقيق مشترك «سريع وشفاف ومحايد»، ودعا إلى التعاون في التحقق من «تعذيب واغتيال» جوليو ريجينى، مضيفاً أنه ليس «حالة منفصلة»، وأنه حدث في سياق عدد من الوفيات في الحجز في مصر.

وكيل البرلمان المصرى، السيد الشريف، انتفض ضد البيان قائلاً: أين البرلمان الأوروبى من قمع التظاهر في أوروبا وأمريكا للحفاظ على أمن بلادهم، إن البرلمان لا يسمح أبداً بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، ولن يسمح لأى جهة بالتدخل في شؤون البلاد، أين البرلمان الأوروبى من الانتهاكات التي تحدث في فلسطين من قبل إسرائيل، وأين هو من انتهاكات حقوق الإنسان في دول أوروبا وأمريكا؟

أما أحد المحسوبين على الدبلوماسية المصرية فقد قال في تصريحات يجب توثيقها للتاريخ: (نعرف نرد بكلام يسم البدن) في فاصل كوميدى جديد من طريقة إدارة الأزمة الكبرى التي تتزايد تداعياتها يوماً بعد يوم، منذ اللحظة الأولى كان تعامل الإعلام مشيناً، فقد انبرى أحد الوجوه الإعلامية ليتهم الباحث المقتول بالشذوذ الجنسى، ويربط مقتله بذلك، إلى أن نفى الطب الشرعى ذلك، ثم بدأت دعايات للتنصل من الجريمة وتعليقها على مجهول، ثم بدأت الموجة المعتادة باتهام المتشددين الإسلاميين بأنهم وراء ذلك، ثم بدأ التجاهل باعتبار أن القضية ستُنسى كغيرها من قضايا الانتهاكات في مصر، لكن الذي لم يلتفت له الأشاوس أن هذا المقتول مواطن إيطالى تعتبره بلاده جزءاً من كرامتها وإنسانيتها، وكما أشار بيان البرلمان الأوروبى لـ«جوليو» بأنه مواطن ينتمى للاتحاد الأوروبى، ولابد من معرفة حقيقة مقتله ومعاقبة من تورطوا في ذلك، هذا هو الفارق الذي علينا تأمله في كلمة (مواطن)!

أشد المعارضين للنظام الحاكم في مصر يتمنى من قلبه ألا يثبت تورط أي جهة رسمية في مصر في هذه الجريمة، لأن الضرر سيصيب جميع المصريين على كل المستويات، إهمالنا في التعامل مع الأزمة أوصل الأوروبيين لإصدار بيان سيمتد صداه لكل دول العالم، وهو يقول رسالة سلبية عن مصر، مفادها لا تذهبوا إلى مصر فهى غير آمنة، وقد تُقتلون فيها بلا سبب! هل انهيار السياحة والأزمة الاقتصادية يحتملان المزيد من العوامل التي تفاقمهما؟ هل أدرك العباقرة أن الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان تؤثر مباشرة على الاقتصاد وتسىء لمصر، ألم يدرك وكيل البرلمان المصرى وهو يدلى بهذه التصريحات الغريبة أنه يورط مصر أكثر، ويؤكد ضلوعها في الجريمة وهو يتحدث بمنطق (لا تعايرنى ولا أعايرك الهم طايلنى وطايلك).

فواصل الردح لن تحل الأزمة، ولا أحد خارج مصر يلتفت لهذه الهرتلة الداخلية، مصر في خطر داهم، فهل نستفيق من أوهام الغرور والهرتلة السياسية؟

alnagaropinion@gmail.com