تبعات «حزين عليك يا وطنى»

محمد أبو الغار الإثنين 14-03-2016 21:27

فوجئت بالحجم الهائل الذى قرأ مقالة الأسبوع الماضى، وأن الذين عملوا لها شير على الفيس بوك ما يقرب من سبعة آلاف مواطن! تلقيت مئات الرسائل الإلكترونية والتعليقات وعشرات المكالمات التليفونية، معظمها من مصريين فى أوروبا وأمريكا والخليج. معظم الرسائل والتليفونات كانت تعبر عن حزن شديد وقلق شديد على أحوال مصر، البعض اعتبرنى عبرت عن الواقع بدقة وصراحة، والبعض اعتقد أن الأمر سيئ ولكن ليس بهذا السوء، ودعانى الكثيرون إلى التفاؤل.

الأثر الكبير كان هو بالبلدى «الخضة» التى أصابت القراء، صديقة اتصلت من أمريكا تقول: يا نهار إسود إحنا وصلنا لكده؟ أنا لا أصدق.

وكان هناك عدد من الذين انتقدوا المقال بشدة وهم ينقسمون إلى فريقين: الأول ما يطلق عليه السيساوية، وهم كبار مؤيدى السيسى على طول الخط، ومنهم زملاء أعزاء أراهم كل يوم فى العمل، وهم يقولون إن السيسى حقق إيجابيات كثيرة وإننا فقط نتحدث عن السلبيات ونضخمها. والجانب الآخر من الذين هاجموا المقال بشدة هم الإخوان المعروفون والمتخفون، الذين اعتبرونى أحد المتسببين فى ٣٠/٦، وأننى ساندت ما سموه «الانقلاب العسكرى»، وأن التيار المدنى والليبرالى خايب. كتب أحدهم أن بعض القنوات التليفزيونية المخصصة لكبار الأمنجية قد هاجمت المقال، ولكننى لم أَرَ ولا أعرف ماذا قالوا.

حدثت اتصالات بى من كثير من الشخصيات المهمة والمعروفة فى مجال السياسة والاقتصاد والبيزنس، وبعضهم على علاقة وثيقة بالنظام.

والآن، ما هى حكاية المقال؟

أولاً: أعتقد أن كل ما كتبته صحيح ودقيق، وأن المسار الذى تسلكه مؤسسة الرئاسة بالكامل خاطئ وخطير فى المجال الاقتصادى والمشروعات الكبرى، وتوغل الجيش فى الأعمال المدنية.

ثانياً: إن مجال حقوق الإنسان فى مصر أصبح مؤسفاً، ويبكى الحال الذى وصلنا إليه.

ثالثاً: إن طريقة إدارتنا لكثير من الملفات السياسية المهمة بائسة، وصانعو القرار محدودون وغير معروفين، وواضح أنه ليس لديهم خبرة.

رابعاً: هناك تدنٍ فى مستوى الشفافية لدرجة كبيرة، والتغاضى واضح عن ملفات فساد كبيرة فى الدولة، بعضها يخض مسؤولين كباراً. وهناك بعض البلطجية الذين يدعون أنهم يساندون النظام بينما هم يضرونه ضرراً بالغاً.

خامساً: بوضوح نحن ليس أمامنا بديل آخر غير إصلاح النظام الحالى بالضغط عليه بكل الطرق لتغيير المسار وإعطاء الاقتصاد والمشروعات الضخمة لمن يفهم فيها وعنده خبرة أكبر من الرئيس ومعاونيه من رجال القوات المسلحة.

سادساً: كل الكلام عن انتخابات رئاسية مبكرة كلام سوف يؤدى إلى كوارث، وكل الكلام عن ثورة سوف يؤدى إلى ثورة جياع تقضى على الأخضر واليابس.

سابعاً: على الشعب المصرى كله، وعلى رأسهم مثقفوه وسياسيوه ورجال أعمال من الشرفاء، الضغط على الرئيس والنظام للإصلاح والشجاعة فى قول الحق، والشفافية مطلوبة وفوراً. الفاسدون وشبهة الفساد فى أى مسؤول يجب أن تؤدى للتخلص منه فوراً. أى صفقات أو أراضٍ أو استثمارات لأى هيئات يجب أن تكون معلنة وواضحة، لأن كل المصريين سواسية وكل الهيئات والجمعيات والنوادى لها نفس الحقوق.

ثامناً: يجب الإفراج عن المسجونين دون تهمة أو محاكمة، والذى يتواكب مع إصلاح الداخلية.

وأخيراً نحن أمام مشكلة كبرى فى سد إثيوبيا، والشفافية والمصارحة مطلوبتان. نحن عندنا مشكلة وشهداء أبرار من الجيش والشرطة والمدنيين بصفة مستمرة فى سيناء، نريد بعض الشفافية ونريد النصيحة من بعض الخبراء المدنيين والاستراتيجيين، لأن حلول مشكلة الإرهاب ليست كلها عسكرية.

وأعود مرة أخرى وأقول للشعب: قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.