ديفيد بلير يكتب: «أردوغان» يُفصّل طموحاته الرئاسية الإمبريالية على المقاس

اخبار الأحد 13-03-2016 21:39

الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، يعيش بأكبر قصر رئاسى فى العالم، حيث تبلغ مساحته 4 أضعاف قصر فرساى بفرنسا، ويتكون من 1000 غرفة ومنه يصدر تعليماته لشعبه، مثل طلبه من نساء تركيا أن ينجبن على الأقل 3 أطفال، أو يطلق تصريحاته على رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بأنه «قاتل»، وبشار الأسد بأنه «سفاح». لكن الويل لأى تركى يجرؤ على إهانة فخامته، والجدير بالذكر أنه نظرياً يريد الانضمام للاتحاد الأوروبى.

بعد 14 عاماً من السيطرة على مقاليد الحكم فى تركيا، أصبح أردوغان واحداً من أكثر السياسيين نجاحاً، ولكن السؤال الذى يشغل بال مواطنيه: هل هو أيضاً خطير؟.

يوجد الكثير من مؤيديه المخلصين فى مدينته الأم إسطنبول، حيث كان يشغل منصب عمدة المدينة فى تسعينيات القرن الماضى. وكلمة «مخلصين» هى الكلمة الصحيحة لوصفهم، حيث إنه يستميل الفقراء والطبقة الوسطى الدنيا والمتدينين. أحد المعلقين السياسيين بالمدينة، من غير مؤيدى أردوغان، اعترف بشخصيته الجذابة، قائلًا إنه رجل قوى، لكن فى نفس الوقت عاطفى، لا يستحى أن يبكى فى العلن خلال جنازة أمه.

لكن تصرفات أردوغان مع مرور الوقت تطرح المزيد من علامات الاستفهام المثيرة للقلق. فبعد فوز حزبه «العدالة والتنمية» بمقاليد الحكم فى 2002، وكسر شوكة الجيش فى السياسة، وتهليل العلمانيين الأتراك له، أصبح أردوغان يسحق أى تحدٍّ محتمل لحكمه. ففى السجن يقبع الصحفيون المثيرون للمشاكل، مع المواطنين العاديين الذين حكم عليهم بتهم «إهانة الرئيس» فى خرق صارخ للقانون.

على الرغم من أن أردوغان استعار العديد من الحِيل من كتاب السياسة الروسى، فإنه لا يفوت فرصة دون توجيه نقد للرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

فبعد أن قفز الرئيس التركى من منصب رئيس الوزراء لرئاسة الجمهورية، فإنه يريد إكمال خطته بإعادة كتابة الدستور التركى بشكل يسمح له بإنشاء «رئاسة إمبريالية» مُفصّلة على مقاس طموحاته. فقد عبّر أردوغان عن استعداده لخوض الانتخابات فى 2023، عام مئوية الجمهورية التركية الحديثة.

بوضع ما سبق فى الحسبان، تمتلك تركيا بشكل واضح زعيماً سلطوياً يعامل الدستور كأنه لعبته الشخصية ويخطط للاحتفاظ بالسلطة لعقود. فكيف لا نعتبره خطيراً؟

ربما تطال العمليات الإرهابية مدينة إسطنبول من وقت لآخر، لكن زوار هذه المدينة الكبيرة يجدون من السهولة بمكان أن يتناسوا وجود صراع ضار فى ركن من أركان تركيا.

فالحرب القديمة بين الدولة التركية والفصائل الكردية عادت للحياة بنتائج خطيرة. الصحفية التركية، فيلدان أتماكا، التى تبلغ من العمر 28 عاماً، روت لى ماذا حدث لها عندما حاولت الوصول إلى مقاطعة «فان» الشرقية، حيث تعد مسرحاً للعديد من العمليات المسلحة.

قالت فيلدان: «حاولنا الوصول إلى هناك، لكن قوات الأمن منعتنا»، وأكملت: «فقمنا بالذهاب إلى المستشفى للتحدث مع الأفراد المصابين، لكن قوات الشرطة طاردتنا، وبعد نصف ساعة حضرت قوات الشرطة إلى مكتبنا وألقت القبض على محرر بتهمة نشر أخبار خاطئة، ولاحقاً تم القبض علىّ بتهمة مقاومة السلطات».

لمدة 6 أسابيع، قبعت فيلدان بالسجن فى مقاطعة «فان»، لم يتم الاعتداء عليها جسدياً، لكنها تعرّضت لإيذاء لفظى دائم من الحراس، كان فى بعض الأحيان يحمل طبيعة جنسية. ولاحقاً، خرجت فيلدان من السجن بكفالة، وهى الآن فى انتظار محاكمتها فى قضية تهمتها «نشر دعاية إرهابية»، فيما أضافت فى محادثة تليفونية معى من مدينة هى مركز من مراكز الصراع: «لا يوجد قانون ولا عدالة ولا ديمقراطية فى تركيا».

البوسفور العظيم هو الممر الطبيعى الذى يمر بين أوروبا وآسيا، والطريق الوحيد للبوارج الروسية التى تشق طريقها للبحر الأسود، فإسطنبول هى واحدة من كبرى مناطق الربط العالمى وتتحكم فى الشريان الرئيسى للنقل البحرى الروسى بشقيه المدنى والعسكرى على حد سواء. فمنذ أن أسقطت تركيا الطائرة الروسية فى نوفمبر الماضى، والطرفان يتبادلان الإهانات والإجراءات الاقتصادية المضادة، ولكن ذلك لا يمنع أن الطائرات التى يرسلها بوتين إلى سوريا يجب أن تمر تحت أنف أردوغان بإسطنبول، وحتى الآن، أردوغان لم يفعل أى شىء لإعاقتها أو أى خطوه تصعيدية فى هذا الاتجاه يمكن أن تضره. ومع الوضع فى الاعتبار أن الزعيم التركى ينوى الاستحواذ على السلطة بشكل غير محدد، لذلك لا أحد يعلم ماذا يُخفى أردوغان بجعبته للمستقبل؟.

نقلًا عن صحيفة «تليجراف» البريطانية

ترجمة- مروة الصواف