آخر تصنيف لـ«حزب الله» اللبنانى كإرهابى جاء من الجامعة العربية فى القاهرة، وقبلها من مجلس وزراء الداخلية العرب فى تونس، فى حين كنّا نظن أنه إرهابى منذ عقد مضى، عندما اغتال صفوة القيادات اللبنانية، ثم انخرط فى قتل آلاف المدنيين السوريين. بالفعل كان إرهابياً ولايزال، لكن لم تكن هناك الجرأة على البوح رسمياً بذلك، حتى أعلنت الحكومات العربية رسمياً، الأسبوع الماضى، أن «حزب الله» إرهابى.
ولم يدافع عن الحزب فى اجتماع وزراء الخارجية، سوى لبنان المغلوب على أمره، والعراق شبه المغلوب على أمره، والجزائر التى عودت الجامعة العربية على تأييدها إيران منذ أن قامت بدور العرّاب فى إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الذين احتُجزوا فى سفارتهم بطهران! أما التسع عشرة دولة عربية الأخرى فقد اصطفت صراحة هذه المرة ضد «حزب الله»، فى تغيير سياسى وشعبى كبير غاضب يلف العالم العربى ضد الحزب.
وإلى قبل أسابيع قليلة مضت كانت معظم الحكومات العربية تتحاشى انتقاد «حزب الله» علانية، حتى بعد تورطه فى القتال بسوريا، وحتى قبل ذلك، عندما ثبت أنه من ارتكب سلسلة جرائم اغتيال قيادات لبنانية، وعلى رأسها رفيق الحريرى. وكذلك عندما استدرج «حزب الله» إسرائيل للهجوم على لبنان وتدميره، باختطافه جنديين إسرائيليين، وفى الأخير اعترف بأنه أخطأ التقدير. ولم تتجرأ حينها سوى حكومتين عربيتين على انتقاد الحزب، والبقية سكتت، رغم ما لحق بلبنان من دمار.
الجميع يعلمون أن «حزب الله» تنظيم إرهابى منذ تأسيسه فى الثمانينيات، وقد قام بخطف لبنان، والاستيلاء على قراراته ومقدراته، وعطل تطوره السياسى والاقتصادى، أكثر مما واجه إسرائيل على مدى ثلاثين عاماً. انتقاد الحزب وطبيعته الإرهابية، ظل مجرد أحاديث هامسة فى الغرف الخلفية، ولم تخرج إلى العلن وتجد الشجاعة لإعلان موقفها إلا الآن، لأنه لم يبقَ هناك ما يمكن تحاشيه أو الخجل من الإفصاح عنه. نحو نصف مليون سورى قتلوا، بعضهم على يد مقاتلى «حزب الله»، مع إيران ونظام الأسد، لا يترك مساحة للمناورة والمداراة والإبقاء على خطوط رجعة.
كلهم يعرفون أن «حزب الله» إرهابى قبل الخلافات الأخيرة، كونه قتل لبنانيين وسوريين وعرباً وأجانب منذ الثمانينيات، لكنهم كانوا يأملون أن يأتى يوم يقرر فيه الحزب التخلى عن دوره كمخلب للأسد وإيران، ويتحول إلى حزب سياسى مدنى، خاصة بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان قبل ستة عشر عاماً، لكن الحزب لم يغير جلده، وازدادت وحشيته حيث وسع خدماته، وعبر الحدود إلى العراق وسوريا واليمن والبحرين.
* رئيس التحرير السابق لصحيفة «الشرق الأوسط» والمدير العام السابق لقناة العربية
نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط