تخلى أهل الكرة فى مصر مؤقتا، مساء أمس الأول، عن انتماءاتهم الكروية الأوروبية وقرروا جميعهم تشجيع نادى روما وهو يلعب فى مدريد أمام الريال فى دورى الأبطال الأوروبى.. لم يكونوا يشجعون روما وإنما كانوا يشجعون نجم مصر محمد صلاح.. وشعروا بالأسى بعد أن خرج محمد صلاح من البطولة وخسر المباراة التى فاز بها الريال بهدفين تأهل بهما لدور الثمانية.. وكان هذا انطباعا مصريا جماعيا وطبيعيا أيضا له أكثر من سبب وتفسير..
أهمها أن محمد صلاح منح كل عاشق كروى فى مصر إحساسا جميلا بالكبرياء، وفرصة اللعب مع الكبار.. فلم تعد مباريات الدورى الأوروبى مجرد أفلام كروية ممتعة صالحة طوال الوقت للفرجة والإبهار، وإنما أصبح المصريون شركاء فيها لا مجرد متفرجين.. كل واحد منهم حتى دون أن يقصد أو ينتبه بات يتقمص دور محمد صلاح الذى وسط كل هؤلاء النجوم فى كل ملعب.. فالفرجة المصرية على محمد صلاح هناك لا تشبه على الإطلاق الفرجة على الكرة ونجومها هنا.. الكل هنا يشجع ناديا ونجما ويسعى لفوز وتألق ليسخر من الآخر وينتشى بذلك.. لكنهم حين ينظرون إلى هناك تسكنهم معان أكبر وأعمق وأجمل من مجرد نتائج الكرة وانتصاراتها وهزائمها.. ثم كانت المفاجأة الجميلة بعد انتهاء المباراة حين قررت فجأة ودون أى مقدمات أن أقرأ إعلام العالم وماذا قال عن مباراة ريال مدريد وروما.. قرأت معظم الصحف الإنجليزية وبعض الصحف الإيطالية والإسبانية والأمريكية والفرنسية أيضا..
واكتشفت أن العالم كله مثلنا.. أصبح يرى محمد صلاح اختصارا لنادى روما.. فمحمد صلاح هو الذى خسر، أمس الأول، أمام الريال.. ومحمد صلاح هو الذى كان بوسعه تحقيق المفاجأة وصدمة هزيمة الريال على ملعبه.. الإيطاليون حزانى وغاضبون لأن محمد صلاح لم يكن الحلم الذى انتظروه وأرادوه، والإسبان سعداء لأن محمد صلاح أضاع أهدافا كانوا يخشونها.. الكل يتحدث عن الريال ونجومه الكبار.. وعن محمد صلاح.. معظم تلك الصحف نشرت صورا لرونالدو وزملائه ولمحمد صلاح الذى جاء اسمه فى معظم العناوين الفرعية لتغطية تلك المباراة.. وهو شىء أظنه سيسعد كثيرا من المصريين رغم أى حزن وغضب وانتقاد أوروبى لصلاح.. فهو نجاح أن يصبح مصرى رهانا لناد بحجم روما وإعلام بمساحة إيطاليا وألوانها.. لكنه نجاح لايزال ناقصا.. وأتوقف هنا أمام سباليتى، مدرب روما، حين دخل غرفة خلع الملابس بعد المباراة وفوجئ بمحمد صلاح وزملائه مبتسمين ينتظرون كلمة شكر وإعجاب بالأداء الذى قدموه أمام الريال..
وانفجر الرجل غاضبا فى لاعبيه قائلا إنهم إن استسلموا لهذا الفكر فلن يفوزا أبدا على الريال.. فلن يفوز أبدا الذى لا يرى نفسه يستحق الفوز أياً كان المنافس.. والذى يملك مبررات الخسارة سيبقى يخسر دائما.. وكان ذلك موقفا نبيلا من مدرب مهزوم لا يمكنه أن يسعد بهزيمته.. فنحن أحيانا نهزم أنفسنا بأنفسنا حين نتخيل أنه ليس من حقنا أن نكون يوما ما كبارا أو أقوياء.