حتى لا يترحموا على أيام حبيب العادلى!!

حمدي رزق الثلاثاء 08-03-2016 22:02

أحسن اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، صنعاً.. عقد اجتماعاً مع ضباط الشرطة من رتبة «الملازم أول» إلى رتبة «المقدم»، بحضور عدد من مساعدى الوزير والقيادات الأمنية، بأكاديمية الشرطة بالعباسية، وعليه أن يكررها فى فترات متقاربة، وعلى هدى اللقاء يجتمع مساعدو الوزير ومدراء الأمن بضباطهم، كل فى موقعه، وعلى نحو عاجل.

تكثيف اللقاءات يخفّض معدلات الغضب التى تعتمل فى نفوس ضباط الشرطة جراء الأحداث الأخيرة، وآخرها حادثة «كمين ميرهان» وتوابعه بإحالة ضابطى شرطة إلى المحكمة بتهمة إهانة الفنانة فى الكمين والتحرش بها فى قسم الهرم.

لابد من قياس رد فعل لقاء الوزير بضباطه، وهل نجح فعلا فى نزع فتيل الأزمة التى عبّرت عنها كتابات فيسبوكية عديدة، غالباً موجهة إلى رئيس الجمهورية، منها على سبيل المثال لا الحصر، ما كتبه رائد شرطة على صفحته: «بنواجه الإرهاب بكل بسالة، وبنواجه البهوات والمسنودين وقلة الأدب بمنتهى الصبر، بنواجه ظلم قياداتنا وتلفيقهم وجزاءاتهم المؤلمة بمنتهى الاحترام والخضوع، وبنواجه ضغوط العمل وضغوط الحياة علينا كمواطنين ومحدش فتح بقه، لكن إلى متى يا سيادة الرئيس؟».

هذا نموذج ومثال للغضب الكامن فى النفوس، ضابط شرطة «رائد» يشكو إلى الرئيس حاله، وحال زملائه من ضباط الشرطة، نفس الحكى يتترى غاضباً، ضباط الشرطة ناقمون، رافضون لسياسات الوزير الذى يشتط فى عقابهم، والتضحية بهم إرضاءً للرأى العام، هكذا يُفضفضون عن أنفسهم إلكترونياً، ويستبيح الإخوان هذه الكتابات ويشيرونها لإحداث فتنة فى وزارة الداخلية.

جيل الوسط من ضباط الشرطة غاضب، مشحون، على صفيح ساخن، لديهم إحساس مرير بالظلم، ونقمة رهيبة على الوزارة، والإعلام الذى يجلدهم كل ليلة، دون فرصة للرد أو للدفاع لأن أوامر الوزير مانعة، وعندما فكر أمناء الشرطة فى الدفاع عن أنفسهم سجنهم الوزير ويحاكمهم، لسان حالهم لا الوزير بيرحم ولا الإعلام بيرحم، وهم مكتّفون، ولسانهم مقطوع.

الرائد على صفحته على الفيس بوك يقول: «أعلم جيداً أن كلامى ده يُغضب البهوات والقيادات عندنا فى الوزارة، وعلى رأسهم العبقرى مجدى بك عبدالغفار، اللى قدر فى أقل من سنة يجيب معنوياتنا تحت الصفر، سيادة الرئيس مازال رجال الشرطة جميعاً حتى الآن يحبونك جداً ويدينون بالولاء لهذا الوطن، ولكن إلى متى هيفضل الوضع كده؟!».

لقاء وزير الداخلية بالضباط فى توقيته، ولكن دون مواجهة حقيقية تتلمس أسباب الغضب الذى يعتمل فى النفوس، يبقى فض مجالس، الضباط فى النهاية بشر، والضغط يولد الانفجار، والإحساس بالظلم يولد كفراً بالمهمة، وقهر الرجال مما يُستعاذ منه، حذارِ من الغضب.

الحالة النفساوية التى بات عليها جيل الوسط من ضباط الشرطة تشى بخطورة بالغة، وبعد لقاء الوزير، على السادة المساعدين ومديرى الأمن التحرك بسرعة وهمة لاحتواء الغضب، الحوارات المباشرة مهمة، وتفهم الأسباب ضرورة، وتنقية الأجواء واجب، الوزير يستشعر الغضب، ولقاء أول يؤشر على رغبة فى الاحتواء، لكن هناك مشكلة حقيقية يجب الالتفات إليها.

ضباط الشرطة يقارنون أوضاعهم بأوضاع ضباط الجيش، كلنا ضباط، وكلنا شهداء، يتوّت أحدهم مذبوحاً من الألم مخاطباً الرئيس: «هو إحنا مش زى أولادك اللى فى الجيش، ولا إحنا أقل منهم؟! وهل يجوز أن نتعامل مثلهم أما نترك وزارة الداخلية ونعمل أعمال أخرى؟».

الخطاب هذه المرة إلى الرئيس، لماذا؟ لأن الثقة- أخشى- باتت مفتقدة بين الوزير والضباط، المصيبة أن نفراً منهم يترحم على أيام حبيب العادلى، لماذا؟.. المعنى فى بطن الغاضبين!.