مصر وإيران ومشكلات المنطقة

عمرو هاشم ربيع الإثنين 07-03-2016 21:56

دائمًا ما تصف إيران مصر بأنها دولة رائدة وصاحبة حضارة قديمة، مثلها مثل إيران دولة قديمة وتمتلك حضارة ضاربة فى عمق التاريخ. من خلال هذا تسعى إيران إلى أن تنأى مصر بذاتها عن الدفاع عن عمقها العربى الذى مردت- منذ تأسيس الدولة الحديثة عهد محمدعلى- على الدفاع عنه. ومنذ الثورة الإسلامية فى إيران، واقتلاع النظام المدنى الاستبدادى الذى حكمها، وإيران لا تمل من تصدير مذهبها الشيعى. هنا تقف مصر بالتأكيد للدفاع عن أمنها القومى فى وجه المحاولات الإيرانية لتقسيم العالم العربى على أسس مذهبية. لكنها لا تسعى على الإطلاق لخوض حرب مع إيران فى سبيل ذلك، حتى السعودية ذاتها ذكرت على لسان وزير خارجيتها أن الحرب مع إيران ضرب من الجنون.

هنا فإن مصر تسعى لصد النفوذ الإيرانى بالوسائل غير العسكرية. بعبارة أخرى، فإن مصر لا تسعى إلى الحرب مع أى طرف إلا فى حالات ثلاث. أولا: تهديد حدودها الشرقية من أى خروقات صهيونية أو حمساوية أو خلافه. ثانيًا: تهديد حدودها الغربية، وهو ما يلوح فى الأفق حاليًا بعد محاولات داعش الهيمنة على مدن ليبية بأكملها. ثالثًا: تهديد الملاحة فى قناة السويس، وهو ما حدث من محاولات إيرانية غير معلنة عبر نشاط الحوثى فى اليمن.

على أن كل ما تفعله إيران ليس بالضرورة يعادى المصالح المصرية. فالوضع فى سوريا على الرغم من أن إيران تسعى من خلاله إلى أن تبقى أقدامها فى هذا البلد، إلا أن الهدف من بقاء سوريا دولة موحدة هو هدف إيرانى ومصرى، لا سيما بعد سعى دول محددة لتقسيم سوريا ليس حبًا فى تقسيمها، ولكن بغرض القضاء على النفوذ الإيرانى. هنا تقف مصر بصلابة فى مواجهة ذلك التقسيم الضار بأمنها القومى.

أما لبنان فرغم أن إيران تسعى إلى الهيمنة عليه، إلا أن السياسات الخليجية الحالية تجاهه، ستهدف قريبًا إلى تسليم لبنان على طبق من فضة إلى إيران. وهذه السياسة الخليجية يعتقد أن السياسة المصرية تنظر لها بعين الريبة، لأنها تحقق المصلحة الإيرانية. وحتى إدراج حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية العربية، رغم أنه لا يحقق مصلحة مصرية، إلا أنه درءًا للحرج من بعض الدول وافقت مصر عليه، رغم أنه كان يتحتم عليها أن تساوم وتجعله مقابل إعلان الإخوان جماعة إرهابية.

خلاصة القول، إن مصر يتحتم ألا تبالغ فى عدائها لإيران، بل تسعى لتعاون معها لحلحلة أزمات المنطقة، ولربما يشمل ذلك التعاون الاقتصادى خاصة فى مجال السياحة. فهى أكبر من أن تسير فى ركب دول أخرى، مهما كلفها ذلك، وفى ذات الوقت عليها ألا تأمن المخاطر الإيرانية على المنطقة، لا سيما مسألة التقسيم المذهبى.