تخيل لو أن أحدكم سافر فى مهمة عمل، وترك بيته وأولاده، فانتهز الأولاد الفرصة للعبث هنا وهناك، ثم عاد فوجد أحدهم فى السجن، والآخر فى مستشفى الأمراض العقلية، والبنت قد تزوجت دون علمه.. فماذا كان يفعل؟!
وتخيل لو أن أحدكم سافر فى مهمة عمل، ثم عاد فوجد الأولاد قد تشاجروا مع الجيران، وحرقوا منازلهم، وجاءت الشرطة فقبضت على الأولاد، ودخلت الأم فى غيبوبة بعد الأحداث.. فماذا كان يفعل؟!
بصراحة، هذا هو أبسط تشبيه يُعبّر عن حال مصر منذ سافر الرئيس السيسى فى جولته الآسيوية.. فقد سافر فى مهمة عمل، شقى، وتعب، وتفاوض ليوفر لقمة عيش، فلما عاد وجد الوطن قد احترق بسبب شوية ناس خايبة.. وقعوا فى الفخ، ولم ينتظروا حتى يعود «كبيرهم».. نسوا أن «البلد دى ليها كبير»!
أعود فأكرر أنه تشبيه مع الفارق.. فلا السيسى هو الأب، ولا مصر هى البيت.. سيقول «المتفذلكون» بلاش كلام عن الأب والدولة الأبوية.. ماشى يا سيدى.. عارف بقى إن «الفلاسفة» هم مشكلة مصر ونقطة ضعفها؟.. وعارف بقى إن النخبة هى التى تحرق مصر، وإن الغلابة هم الذين يحافظون عليها؟.. هذه هى الحقيقة المرّة!
كان لازم البرلمان ينتظر شوية.. وكان لازم يعرفوا إن البلد دى فيها كبير.. وكان لازم يعرفوا أن هناك فخاً، فيها إيه لو كانت هناك مُهلة؟.. وفيها إيه لو انتظر البرلمان عدة أيام للتحقيق؟.. لازمتها إيه الشوشرة على سفرية الرئيس؟!
جرّب تقعد مع ناس بسيطة على «مصطبة»، أو على «قهوة»، سوف تجدهم أكثر خوفاً على مصر من الذين يظهرون فى الفضائيات، مع إنهم ما شفوش منها حاجة، ومفيش حيلتهم حاجة.. وهم أكثر ناس يدعمون السيسى.. والسيسى يعرف أنه يشقى من أجل هؤلاء.. لأنه يمثل «الأمل الأخير» بالنسبة لهم!
الغريب أن الذين يحرقون البيت هم النخبة، والذين يبكون عليه هم البسطاء.. فلا يوجد عندهم بديل، ولا يوجد عندهم ظهر ولا سند غير هذا الوطن.. هؤلاء لا يبحثون عن «حتة تورتة».. ولا يريدون غير أربعة جدران وسقف فقط.. هؤلاء تبرعوا بالجنيه اللى فى جيبهم.. لم يقولوا للرئيس: اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون!
للأسف هذه المعانى غائبة عن البرلمان والإعلام تماماً.. هذه المعانى غائبة عن مراكز القوى.. هذه المعانى غائبة عن جماعات الضغط التى تريد أن تحكم مصر.. لا يعرفون أن فيها «كبير».. ولا يعرفون أنهم شوية فشلة!
الشللية لن تحكم مصر أبداً.. «الشللية» لن تدير البرلمان والإعلام.. «الحنجورية» لن تحكم.. مطلوب من الرئيس أن يعمل على تفكيك مراكز القوى مرحلياً.. قلت مبكراً إن السيسى سوف يواجه معركتين، إحداهما مع الإعلام!
أخيراً.. لا أخشى على مصر من حروب الجيل الرابع، ولكن أخشى عليها من «الإعلام»، ومن «حروب القبائل» السياسية والفئوية والإعلامية.. كما أخشى على مصر من رجال الأعمال «مُحدثى النعمة»!