فضل.. ألفية ابن مالك!

عباس الطرابيلي الجمعة 04-03-2016 21:52

قبل أن ندخل إلى ألفية ابن مالك الشهيرة.. نضيف إلى علماء اللغة العربية «الأجانب» علماً آخر هو أبوالقاسم محمود بن عمرو بن أحمد الزمخشرى جار الله!! الشهير بالزمخشرى، وكان إماماً فى التفسير، والأهم فى النحو واللغة والأدب، ولد فى «زمخشر» من ضواحى خوارزم وتوفى بها، ولد عام 1074 وتوفى عام 1143م. عارفين أين تقع خوارزم؟ فى أقصى بلاد المسلمين، غير العرب. ألف الكثير من الكتب أشهرها كتاب أساس البلاغة، فى اللغة، وفى النحو ألف كتباً كثيرة منها: المفصل، الانموذج، المفرد، المؤلف، كما شرح أبيات كتاب سيبويه.. ولذلك هو من أشهر حماة اللغة العربية.

ونصل إلى عالم - فى العربية - لا يشق له غبار.. وجاءت شهرته من تلك الألفية التى تعلم بعض جيلى، وكل من سبقونى، قواعد اللغة العربية على هديها.. يا ترى فاكرين ألفية ابن مالك، طيب.. بلاش، أكيد فاكرين فيلم «شباب امرأة» إبداع صلاح أبوسيف.. وشكرى سرحان وهو يحفظ دروسه بكلية دار العلوم.. أم تتذكرون فقط أنوثة تحية كاريوكا وجسدها البض، مش البط يا مفجوعين من النوعين، الجسد والبط معاً، وكله يؤكل!!

تلك؛ هى الألفية التى كان يذاكر بها شكرى سرحان وكل جسده العفى يهتز، حتى لا يغلبه النوم فضلاً عن القوافى والأشعار.. وهذه الألفية علمت أجيالاً عدة قواعد العربية، ولا أعتقد أن متعلماً من آبائنا وأجدادنا قد نسى تلك الألفية، وهل هى فعلاً تتكون من 1000 بيت من الشعر، أراد بها مؤلفها أن يستغل عشق العرب للشعر والقوافى ليعلمهم قواعد وأصول اللغة العربية؟

اسمها: ألفية ابن مالك، فى النحو والصرف، ومؤلفها هو جمال الدين محمد بن عبدالله بن مالك الأندلسى، وهو الإمام، ويقال أيضاً «الطائى الجيانى المالكى».. ولد - بجيان الأندلس عام 600هـ، وتعلم بدمشق وصرف همته إلى إتقان لسان العرب.. فتقدم على كل السابقين. وفى النحو والصرف كان لا يٌجارى، بفضل اطلاعه على أشعار العرب فكان أمراً عجباً، حتى إن العلماء احتاروا فيه.. وفى علمه. وضع العديد من المؤلفات فى اللغة وأصولها، منه كتب ابن مالك: «الكافية الشافية» من 3000 بيت وشرحها، و«الخلاصة» وهى مختصر الشافية، وإكمال الإعلام بمثلث الكلام وهو مجلد كبير، و«فعل وافعل»، والنظم الأوجز فيما يهمز، والاعتضاد فى الظاء والضاد، وإعراب مشكل البخارى، وتحفة المورود فى المقصور والمدود.. وغيرها.

و«الألفية» تولى طبعها - فى العصر الحديث - محمد على صبيح بمكتبته الشهيرة بميدان الأزهر.. وكانت معنية بطبع أهم الكتب التى تدرس بجامعة الأزهر الشريف، بكل كلياتها.. ومازالت المكتبة والمطبعة هناك، فى رحاب الجامع الأزهر الشريف.

وقد فصلها مؤلفها ابن مالك - الذى زار القاهرة ثم مات ودفن بدمشق فى شهر شعبان عام 672هـ - لكى يشرح ويحدد قواعد اللغة بأبيات شعر هو واضعها: فى الكلام وما يتألف منه، والمعرب والمبنى، وفى النكرة والمعرفة، والعلم، واسم الإشارة والموصول، والمعرف بأداة التعريف والابتداء، وكان وأخواتها وأشهر أبيات هذا الباب:

ترفع كان المبتدأ اسماً، والخبر.. تنصبه ككان سيداً عمر

ككان ظل بات أضحى أصبحا.. أمسى وصار ليس زال برحا.

ثم أفعال المقاربة، وإن وأخواتها، ولا التى لنفى الجنس، وظن وأخواتها، وأعلم وأرى، والفاعل والنائب عن الفاعل واشتغال العامل عن المعمول، وتعدى الفعل ولزومه. وهكذا فى باقى أسرار اللغة وقواعدها ودروبها، من المفعول المطلق إلى المفعول له والمفعول فيه.. ومعه والاستثناء والحال وحروف الجر وأسرارها.

وحتى لا نغرق فى تفاصيل الألفية الشهيرة نقول إنه لم يترك سراً من أسرار اللغة إلا وشرحه بأبيات من الشعر، حتى وإن كان مجهولاً.

■ ■ وهكذا - ورغم غرابة بعض أشعارها - وضع ابن مالك وفسر كل قواعد هذه اللغة، وإن كنت لا أجرؤ على النصح بحفظها - إلا أننى أقول: هذا العلامة محمد بن عبدالله بن مالك الأندلسى، لم يكن عربياً ولكنه كان أندلسى المولد والمنشأ.. واستطاع أن يحفظ لنا قواعد هذه اللغة.. بينما - نحن أحفاده - نفكر فى طبع أمهات المكتب باللهجات المحلية، وهو ما سيدمر لغة القرآن.. لغتنا العربية.. وهو نفس ما دفع السيد عمرو موسى «أمين العرب» إلى الانتفاض دفاعاً عن العربية.. ليحمى ما بقى من عظمة العرب.. إن كان قد بقى لهم ما يفخرون به.