عندما يتجاوز سعر الدولار التسعة جنيهات وتغرق عملتك الوطنية فى بئر بلا قرار لابد أن تقف لتسأل: «أين الخطأ؟؟».
لدينا رئيس وطنى مخلص، يعمل ليل نهار ويدير ملفات مصر الخارجية باقتدار، استعادت مصر الأمن والاستقرار فى عهده، يتغنى الشعب بكلماته على مواقع التواصل الاجتماعى، ويتبرعون بجنيه كل صباح لصالح مصر.. ولكن!
عندما يدير الرئيس ملفاً داخلياً تشعر أنه «مايسترو» لفرقة من الصم والبكم، فرقة تخاف من المسؤولية وتهاب الرئيس، لكنها لا توقع ورقة ولا تنجز مهمة.. فهل هذا يبرر اعتماد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على رفاقه من العسكريين؟
لقد كتبت من قبل أتساءل: «أين رجال الرئيس؟»، والآن أقول إن الرجال المحسوبين على الرئيس عبء عليه، وبعضهم نموذج للاختيار الخاطئ الذى يخصم من مصداقية الرئيس، خذ مثلاً تكليف الأزهر الشريف بتجديد الخطاب الدينى.. رغم أنه مخترَق من الإخوان وأكثر تعصباً وتطرفاً من الدولة الوهابية نفسها.. فكانت النتيجة سجن «إسلام بحيرى»، والحكم على «فاطمة ناعوت» بالحبس، وكذلك على أربعة أطفال مسيحيين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 سنة. وكأن الرئيس كلف الأزهر الشريف بسن سيف تهمة «ازدراء الأديان» الباطلة بحكم الدستور، واغتيال المفكرين والمثقفين الذين يتباهى بهم! مَن يحب «السيسى» لابد أن يقول له «طهِّر الإعلام» من المخبرين والأمنجية، فلست بحاجة إلى حمَلة المباخر، هذا الشعب يكره النفاق الذى يتقنونه.. بقدر ما يعشقون صدقك وعفويتك.
سيادة الرئيس: لقد أفرطنا جميعاً فى تدليل جهاز الأمن، حتى أصبح قطاع أمناء الشرطة أخطر على البلد من البلطجية، وهذا يحتاج توجيهاً بعودة المحاكمات العسكرية لكل مَن تُخوِّل له مهنته حمل السلاح.. فلو تشاجر مواطن أعزل داخل محطة وقود تابعة للقوات المسلحة يُتهم بالاعتداء على منشأة عسكرية.. بينما البلطجية الميرى لا رادع لهم!
أما الحكومة- التى لا نشعر بها- فقد أصبحت فى خانة الاتهام، الفقير الذى تعمل من أجله يصرخ من حمى الأسعار، وقبضة الدولة لا تطول مَن يتلاعب بالأسعار.. والطبقة المتوسطة أنهكتها مصاريف الطعام والكساء والعلاج والدروس الخصوصية، وهبطت اضطرارياً إلى خط الفقر. أما «السياحة» فكما تعلمون أفلست سواء بفعل مؤامرة خارجية أو بسبب سقوط الطائرة الروسية أو لأن الوزارة تعمل فى جزر منفصلة.. لو قدم وزير الطيران تخفيضات حقيقية للمدن السياحية لانتعشت السياحة الداخلية.. لكن لا حياة لمَن تنادى!
وزير الصحة فى خصومة مع الأطباء، وشباب 25 يناير إما فى السجن «بتهمة التظاهر» أو يعانون الاضطهاد خارجه، والقروض المُيسَّرة والشقق السكنية والوظائف مثل «الغول والعنقاء والخِلّ الوفى».. وقد اختبرتها بنفسى! و«البلطجة» رسمى، فمَن يستطع أن يسبَّك بالأم ويهددك بتهم تمس الشرف يصبح «سيد الموقف».. والدولة سعيدة وكأنها تستخدمهم لإلهاء الشعب عن همومه.
البرلمان «عاجز» عن تنقية القوانين من المواد السالبة للحريات، يتجاهل الدستور وتفعيله.. لكنه نشط للإجهاز على خيانة «العوكش» ووقاحته!
نعم إنها «أشلاء دولة».. لا أحد يعمل إلا الرئيس والقوات المسلحة، والإنجازات التى تمت لا تُنسب لشعب كسول سلبى، بل تُنسب لهم، «مشروع قناة السويس الجديدة، العاصمة الإدارية الجديدة، والمشروعات السكنية بـ6 أكتوبر، والمشروع القومى للإصلاح والتنمية الذى تضمن 1.5 مليون فدان بمنطقة الفرافرة.. إلخ».
لكن الكبارى تنهار- يا سيادة الرئيس- وهى جديدة، لأن مشروع «محاربة الفساد» بطىء وأعرج، ويبدو أنه غير جاد!
كيف للدولة الجبارة التى نجحت قواتها المسلحة فى السيطرة على «سيناء» وتحجيم الإرهاب بها، وإفشال مخطط تحويلها إلى إمارة جهادية داعشية يسيطر عليها الإرهابيون.. كيف تفشل فى تطهير المجالس المحلية والقضاء على الفساد والمحسوبية؟
كيف تفشل فى حماية «الجنيه»، رغم الأزمة الاقتصادية، حتى لو كانت هناك مؤامرة إخوانية، تتولى تكوين سوق سوداء كبيرة للعملات الأجنبية فى دول الخليج، لحرمان مصر من تحويلات المصريين فى الخارج؟
مؤامرة «تركيع مصر» مؤامرة اقتصادية بعد أن تجاوزت مصر أزمتها السياسية وأصبح لديها رئيس شرعى ودستور وبرلمان منتخب.. واعترف العالم كله بثورة 30 يونيو. لماذا نُحمِّلك وحدك المسؤولية؟؟ لأننا لا نرى سواك، وربما لا نثق إلا بك، ولأننا لم نَرَ رجالاً حكماء وخبراء أشداء يديرون معك هذه المرحلة من عمر الوطن.
مَن يؤمن بأن «السيسى» رجل المرحلة فلابد أن يصارحه.. ألا بلغت اللهم فاشهد.