البرلمان هو ضمير الأمة، المعبر عن آلامها، والمحقق أحلامها، بدء الحلم بوطن أفضل منذ ثورة ٢٥ يناير، واتسعت آفاق الطموح بالوصول لتمثيل الشعب المصرى في البرلمان، طموح المصريين كبير، ورغبة أعضاء مجلس النواب في تحقيقه أكبر. ولكن طبيعة البرلمان الحالي تفرض نفسها على هذه الطموحات؛ فالبرلمان يضم قرابة الستمائة نائب (نصفهم يدخل البرلمان للمرة الأولى)، وهم بلا أغلبية منظمة، ومن أصحاب الاتجاهات المختلفة، كما أن تركيبته غنية وثرية بالشباب والمرأة والأقباط وممثلى المصريين في الخارج وذوى الاحتياجات الخاصة، وفئات مجتمعية عديدة. وهذا أمر جيد لكن له أعراضه الجانبية.. فضلاً عن ذلك فقد ورث البرلمان الحالي تركة ثقيلة من الهموم والطموحات. وقد كان المجلس مطالب في أيامه الأولى بمناقشة القرارات بقوانين، والتى صدرت في عهدى المستشار عدلى منصور، والرئيس عبدالفتاح السيسى وذلك خلال ١٥ يوم فقط، وقد حدث ذلك بالفعل.. بعدها يخوض الآن خضم صراعات متباينة لإنجاز اللائحة الداخلية للمجلس والتى هي بمثابة دستور خاص به.
ينتظر الشعب المصري ويراقب أداء المجلس ويتساءل متى يناقش القوانين التي نطلبها، ومتى يحاسب وزير أهمل، ومتى يطلب من الحكومة الاهتمام بالشعب المصرى، باختصار: متى يقوم بدوره الطبيعي؟. ولكن ما يجب أن يعرفه المصريون، هو أن النواب، وإلى حين الانتهاء من اللائحة الداخلية، هم مكبلون، مكتوفي الأيدي، وغير قادرين على استخدام أدواتهم الطبيعية التي أتاحها القانون والدستور من طلبات الإحاطة والاستجواب والتقدم بمشروعات للقوانين وغيرها، كل ذلك بسبب عدم الانتهاء من اللائحة، التي نمل في انهائها سريعاً.. لن يبلغ البرلمان سن البلوغ قبل وضع لائحته.
أزمة أخرى يواجهها المجلس الآن، وتتمثل في أن نسبة أقل من 1% من الأعضاء (أقل من 6 أعضاء)، يخرجون عن النص، وهذا ما يُلقي بظلال كثيفة على البرلمان ككل، في واحدة من جرائم «التعميم» التي تحدث في مصر طوال الوقت.
نحتاج إلى الانتهاء من اللائحة، وتحجيم كل من يسعون لعمل «شو إعلامي»، لنتمكن من خوض المعارك الحقيقية مثل وأهمها ضمان الحياة الكريمة للمصريين عبر دعم ملفات العدالة الاجتماعية والتعليم والصحة والعمل وغيرها. كل ذلك في ظل حالة تربص خارجية بمصر، ومعاناة اقتصادية متفاقمة أفرزتها توترات اجتماعية متتالية ودعمها فساد استمر لعقود.
جميعنا نريد برلماناً تكون بوصلته هي الوطن ومرشده هو المواطن. برلمان منحازاً للشارع وليس للحكومة، يدفع مصر إلى الأفضل، ويكون درع الوطن وسيفه.