لو كنتُ أغطي حفل الأوسكار

خالد البرماوي الأربعاء 02-03-2016 12:10

دعونا نكُن إيجابيين أكثر ونحاول أن ندلّل على الصواب لعلنا نكون كفاعليه، بدلًا من أن نشير للخطأ، ليس لأن هذا في حد ذاته خطأً، ولكن لأن الكثيرين فعلوا ذلك، ولم يعد يجدي ولا يليق أن نزيد ونزايد؛ لذا دعونا نتجاوز هذه المقدمة وندخل مباشرة لصلب الموضوع.

لو كنتُ سأنال فرصة وشرف أن أغطي حفل توزيع جوائز الأوسكار، وعلى فرض أن معلوماتي شحيحة حول السينما العالمية، وحتى لو كانت جيدة، سأبدأ على الفور بوضع خطة للتغطية قبل الحدث بأسابيع، وربما شهور لو تيسّر الأمر، سيكون البحث والسعي لجمع أكبر قدر من المعلومات والأخبار ذات الصلة هو هدفي الأول.

*****

البداية، وأي بداية، يجب أن تكون مع البحث، ثم البحث، ثم البحث في كل ثقب على الإنترنت، سأعرج طبعًا على ويكيبيديا، لكنه لن يكون الصديق الأوحد، وبالطبع لن أعامله معاملة كتب «التوقعات المرئية» التي لا يأتيها الباطل من خلفها، فهو مجرد مفتاح يقودني لمفتاح وهكذا.

سيكون رفيق دربي الأول دون منازع جوجل وإخوته من محركات البحث المتخصصة، وأيضًا محركات بحث سوشيال ميديا، ستكون باقة الإنترنت Data Roaming هي زادي الأهم في رحلتي، وربما من باب التوفير والنصاحة، أقوم بشراء خط المسافر بمجرد وصولي لمطار LAX.

إذن، البحث والإنترنت هما يداي وقدماي وعيناي في هذه المهمة الصحفية، قبل وأثناء وبعد التغطية.

*****

بمجرد الموافقة على سفري، أبدأ على الفور في متابعة كل الحسابات المتعلقة بالحدث وبنجومه وبوسائل إعلامه على سوشيال ميديا، سأقوم بمتابعة عشرات القوائم والمدونات والصفحات المتخصصة، سأقوم بعمل إشعارات تنبيه «News notifications» على جوجل لكل الكلمات الدالة المتعلقة بالتغطية، لأضمن ألا تفوتني أي تفصيلة متعلقة بالحدث.

ثم أشرَع على الفور، بمجرد تأكدي من السفر، بالتواصل مع وكلاء ومساعدي الفنانين المرشحين للفوز بالأوسكار (نتحدث عما يفوق 100 مرشح) وأغلبهم لديه مكاتب إعلامية ضخمة ومحترفة؛ سأجهز «إيميل» شبه موحد بالإنجليزية مختصرًا ومكتوبًا بدقة، به تعريف مختصر عني، ثم نبذة عن ميديا التي أمثلها، وكيف أن ترتيبها كذا، وأهميتها كذا، وكيف أن هذا النجم أو النجمة له جماهيرية كبيرة في بلدي، وكيف أن العالم العربي متشوق لحديث منه، وكيف أنني سأقوم بفرد مساحة كبيرة لحواره.

طبعاً، هنا لدي الحرية أن أبحبحها شوية وأسوّق نفسي والميديا التي أمثلها ببعض الفشخرة، لأن هذا موضعه ومنطقه، سأطلب حوارًا خاصًّا ومطولًا. حسنا، فليكن قصيرًا، أو لنقل خمس دقائق على الواقف. سأطمع وأحاول، فماذا عساي أن أخسر. وكم مرة في العمر سأذهب لتغطية حفل الأوسكار.

*****

خطة التغطية ستضم عشرات القصص والحوارات و«فيتشرز» التي أستهدفها، أجهز ذلك بلغتي الأم، سأبحث عن زوايا تهم القارئ المتخصص والعادي، سأحرص على تنويع وتدليع تغطيتي، فأستهدف أماكن وزوايا وأشخاصًا وقصصًا بعينها قبل أن أسافر؛ وحتى لو تغيّرت خطتي قليلًا أو كثيرًا، فلديّ على الأقل ملامح يمكن البناء عليها وتطويرها وأنا في قلب الحدث.

ربما أستخدم سوشيال ميديا الخاصة بمؤسستي، أو الخاصة بي، لأسأل الأصدقاء والزملاء عن القصص التي يرغبون فيها، قبل وأثناء سفري، كنوع من التشويق والإثارة، وأيضًا لالتقاط المزيد من أطراف القصص والأفكار وأيضًا النصائح المفيدة.

فمن يملك أن يساعده ويفكر معه 100 شخص بشكل مجاني ولا يفعل، هو أحمق بالتأكيد.

وطبعًا لن أنسى كتابة ملامح أولية لقصص خفيفة، فهي فاكهة التغطية الحقيقية، من عيّنة الطرائف ولايف إستايل Lists، سأجهز أيضًا أفكارًا تنقل للقراء طبيعة الحياة واليوم الهوليودي، بالتأكيد سأزور حي المشاهير «بيفرلي هيلز»، ربما أصور لقاءات مع أشهر ساقٍ أو طباخ أو حتى بودي جارد في مطاعم نجوم هوليوود الشهيرة، خاصة في منطقة المثلث الذهبي، مثل (كوي، ماتيوز، ماتسوهيسا). وسيكون مساعدي في هذه الحالة foursquare، وطبعًا دون نقاش tripadvisor.

*****

ولأن إنجليزيتي مثل حال أغلب خريجي الجامعات المصرية، بعافية حبتين.. فسأعمل بجهد على معالجة ذلك من خلال: تعلم الأساسيات اللازمة للرحلة وللقاءات الصحفية، وهناك عشرات المواقع والفيديوهات التي تفيد حالتي، سأحاول كذلك أن أصادق تطبيقات الترجمة، وبعضها يترجم مباشرة من لغتي لأي لغة.

أبدًا لن أنسى أن أتعلم النطق الصحيح لأسماء النجوم، وفيديوهات يوتيوب منقذتي هنا. وسأجهز عشرات الأسئلة بالإنجليزية Standard، وعلى فكرة على الإنترنت هناك عشرات النماذج المجانية،، سأحرص كذلك على أن تكون أغلب الأسئلة Fixable ليمكن تطويعها على الكثير من المواقف والمؤتمرات الصحفية المختلفة.

وطبعًا، سأعرض خطة تغطيتي كلها على رؤسائي، لمراجعتها وتطويرها، وتغييرها إذا لزم الأمر.

سأطلب من مؤسستي أن تدربني على التصوير الفوتوغرافي والفيديو، هذا إذا لم يشترطوا هم ذلك من تلقاء أنفسهم. فيجب أن أنال قسطًا من الاحتراف في التصوير قبل سفري، وحتى لو تجاهلوا ذلك، أسأل أصدقائي في قسم التصوير للمساعدة؛ ولو اعتذروا أو تحججوا، مش مشكلة، هناك عشرات المواقع والفيديوهاتالتي تشرح بسهولة قواعد التصوير والإضاءة والكادرات الصحفية الشهيرة، لن يستغرق الأمر مني إلا بضع ساعات أركز فيها وأكون جاهزًا.

هذه النقطة قد تبدو متقدمة، لكن الواقع أنه ليس كذلك أبدًا، خرائط جوجل، ما أسهلها، خاصة أنها تعمل Offline، فما أحوج أي صحفي لها في أي رحلة يقوم بها، فلا يمكن أن تضمن سرعة ودقة الوصول لأي مكان، دون أن تعرف أفضل الطرق، وأرخص المواصلات، من مكان السكن لأماكن التغطية والمؤتمرات، وأيضًا الفسح، وطبعًا طبعًا شوبنج، فلا يُعقَل أن تكون في أمريكا ولا تمر على كام outlet محترم.

*****

وهناك عشرات التطبيقات والأدوات الأخرى التي لا غِنَى عنها لأي صحفي في حِلّه وترحاله، وهي لا تكلف شيئًا أبدًا، وأغلبها مجاني، وتوفر الوقت والجهد والأموال، وأغلبها لا يحتاج إلى معرفة تقنية عميقة، أو مهارة لغوية فائقة، فقط البحث والبحث فقط.

يكفي أن أكتب «Smart tools for journalist» لأجد ما أريده وأكثر، لأعرف أين الأحداث المهمة، وأين الأماكن التي تستحق الزيارة، وأين الحفلات المجانية، وما هي الخدمات التي تقدمها للصحفيين، فأغلب دول العالم تقدم الكثير من الخدمات المجانية أو المخفضة تقديرًا لدور الصحافة والصحفيين.

في النهاية، الصحافة الحديثة لم تدع مجالًا كبيرًا للارتجال أو الارتباك، صحيح أصبحت المنافسة شرسة، وفي مواجهة الملايين من محبي القفز على المشهد الإعلامي طمعًا في بهرجته وزينته، وهناك أيضًا ألف عين ناقدة وناقمة ترصد وتحلّل كل ما يُنشر، ولكن أيضًا هناك الكثير من الأدوات والإمكانات والفرص، وليس على المرء إلا أن يأخذ بأسباب النجاح ويجتهد ويحاول.

أو كما يقولون «إذا لم تأخذ الفرصة، كيف تعرف أنك تستطيع»، ويقولون أيضًا «الفشل هو الفرصة الوحيدة التي تتيح لك أن تجرّب من جديد على نحو أكثر ذكاءً».

للتواصل مع الكاتب

KhaledPress@gmail.com