أكد المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أن سياسات وقوانين المنافسة تعد إحدى الركائز الأساسية التي يستند عليها اقتصاد السوق الحر القائم على خلق مَنَاخ سليم يتسم بالحرية الاقتصادية والتنافسية، مشيرًا إلى أن ضمان المنافسة الحرة ومنع الممارسات الاحتكارية في السوق المصرية يرتكز بالدرجة الأولى على العمل نحو إرساء قواعد المنافسة الحرة وتطبيقها، بل وتطويرها، ونشر الوعي بثقافة المنافسة، وترسيخ مفهوم المسؤولية والالتزام والتوافق تجاه أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
وأشار «قابيل»، خلال افتتاح المؤتمر الذي نظمه جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لإطلاق البرنامج الإقليمي للدعم الفني لسياسات حماية المنافسة وحماية المستهلك في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط (UNCTAD MENA PROGRAM)، الذي يتم تنفيذه من قِبَل منظمة «الأونكتاد»، وتتولى هيئة المعونة السويدية (SIDA) تمويل أنشطته بمبلغ سبعة ملايين دولار خلال الفترة من 2015- 2019؛ بمشاركة سبع دول في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهي «مصر، وفلسطين، والأردن، ولبنان، وتونس، والمغرب، والجزائر».
وأوضح أن إدماج حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية كأحد المقومات الاقتصادية لاستراتيجية التنمية بالدستور المصري لعام 2014 بالمادة 27؛ يعكس الأهمية التي تُوليها الدولة لحماية المنافسة كإحدى المرتكزات الأساسية لتحقيق النمو، علاوة على ذلك فقد تم تعديل بعض مواد قانون حماية المنافسة مرتين منذ صدور القانون في عام 2005؛ وجاء التعديل الأول في عام 2008، ثم التعديل الثاني في يوليو لعام 2014، وهو التعديل الأوسع والأشمل؛ حيث تضمن تعديل نحو (60%) من مواد قانون حماية المنافسة، وذلك استنادًا على معايير محددة جاء في مقدمتها ضمان الاستقلالية الفنية لعمل الجهاز، والمصداقية، والعدالة في تطبيق القانون، فضلًا عن تعزيز فاعلية وكفاءة الأسواق، بما يضمن تحقيق أهدافه.
وأشار الوزير إلى أن مشاركة جهاز حماية المنافسة المصري في مناقشة القوانين الاقتصادية ذات التأثير على المنافسة بالسوق المصرية، جاءت لتؤكد إيمان الدولة واقتناعها الكامل بضرورة سيادة المنافسة كشرط ضروري لتحقيق النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذه الضمانة لها عظيم الأثر في تهيئة البيئة الملائمة للاستثمار والتنمية الاقتصادية الشاملة؛ فالمنافسة تحفز الابتكار وتزيد من الإنتاجية والتنافسية، وبالتالي فهي تمهد الطريق نحو تهيئة بيئة أفضل للأعمال، الأمر الذي يدفع بمعدلات النمو الاقتصادي ومعدلات التشغيل.
وأكد «قابيل» حرص الحكومة على دعم ومواصلة الجهود التي تهدف إلى العمل على إرساء وتطبيق قواعد المنافسة الحرة والتوعية بها؛ الأمر الذي يسهم في النهوض بمستوى أداء الأسواق، وتحقيق الكفاءة الاقتصادية، ومن ثم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، مشيداً في هذا الصدد بالدور المهم الذي يضطلع به جهاز حماية المنافسة المصري وجهوده نحو ضمان المنافسة الحرة ومنع الممارسات الاحتكارية في السوق المصرية.
وأشار «قابيل» إلى حرص الوزارة على تعزيز القدرات المؤسسية والبشرية لجهاز حماية المنافسة المصري، مؤكداً ثقته الكاملة في أن جهاز حماية المنافسة المصري يتوافر لديه بالفعل عدد من مقومات النجاح، الأمر الذي يدعم طلب جهاز حماية المنافسة المصري بالمشاركة في إقامة مركز التدريب الإقليمي للمنافسة مع نظيره جهاز حماية المنافسة بالجمهورية التونسية.
وقال «قابيل»: «برامج الدعم الفني في مجالي حماية المنافسة وحماية المستهلك، خاصة تلك التي تتيحها المنظمات الدولية ذات الخبرات الواسعة، تعد إحدى أهم الأدوات الرئيسية في مساعدة الدول في تطوير وتحديث القدرات المؤسسية والبشرية لأجهزتها المختلفة»، مشيراً إلى أن هذا البرنامج الذي تم إطلاقه هو فرصة جيدة نحو تحقيق تلك المقاصد بالتنسيق مع كل الشركاء والجهات المعنية من وزارات وهيئات حكومية، ومحاكم اقتصادية وقضاة، وممثلي مجتمع الأعمال والقطاع الخاص، والأجهزة الرقابية القطاعية، والجامعات والمراكز البحثية، وممثلي منظمات المجتمع المدني.
وأوضح «قابيل» أن هذا البرنامج الإقليمي للدعم الفني لسياسات حماية المنافسة وحماية المستهلك عند صياغته، قد راعى التعرف على احتياجات الدول المستفيدة وإدماج كل الأطراف أصحاب المصلحة؛ لضمان تعظيم الاستفادة من هذا البرنامج ونجاحه عند التطبيق، لافتاً إلى أن وفدًا من منظمة «الأونكتاد»، وهيئة المعونة السويدية (SIDA)، قد قاما بزيارة مصر وغيرها من الدول المناظرة للتعرف على احتياجاتها، فضلًا عن الاستفادة من الخبرات الواسعة والتجارب الدولية لمنظمة «الأونكتاد» في برامج الدعم الفني لسياسات حماية المنافسة وحماية المستهلك، التي كان من بينها برنامج «COMPAL» في دول أمريكا اللاتينية.
وقال: «تم التشاور مع كل الأطراف المعنية للدول المستفيدة خلال الاجتماع التنسيقي الإقليمي الأول، الذي استضافته المملكة المغربية بمدينة أغادير في يوليو 2015، واليوم يتم استكمال النقاش من أجل استعراض برنامج العمل للعام القادم 2016 /2017، وأوجه تنفيذ الأنشطة الإقليمية والوطنية التي سبق اقتراحها وفق الإطار العام للبرنامج وأهدافه وأولوياته».
وأكد أن قانون المنافسة إنما يشكل حجر الزاوية لتحقيق النفع من التكامل الاقتصادي، حيث تضمنت العديد من اتفاقيات التجارة الحرة الإقليمية والثنائية، التي من بينها اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية واتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي (الكوميسا) أحكامًا وبنودًا بشأن قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، لضمان تنظيم وتعزيز ظروف المنافسة العادلة بين أطراف الاتفاقات التجارية وتعظيم الاستفادة من تحرير التجارة بينها.