«زي النهارده».. وفاة الفنان محمد عوض 27 فبراير 1997

كتب: ماهر حسن السبت 27-02-2016 07:37

اشتهر الفنان محمد عوض بأدائه الكوميدي، واسمه الأصلي محمد محمد عوض يوسف، وهو والد المخرج عادل عوض، والممثل علاء عوض.

ولد عوض في العباسية بالقاهرة في 12 يونيو 1932، وحصل على الليسانس في الآداب من جامعة عين شمس عام 1957، ودبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1962.

واشترك «عوض»، أثناء دراسته الجامعية بفريق التمثيل وقام بأداء بعض أدوار نجيب الريحانى، وبعد التخرج التحق بفرقة التليفزيون المسرحية حيث بدأت شهرته من مسرحية «جلفدان هانم»، وبعد هذه المسرحية بدأت رحلته السينمائية حيث قام بالأدوار الثانية ثم قدم للتليفزيون مسلسلات منها «البرارى والحامول»، و«بنت الحتة»، و«أهلا ياجدو العزيز»، و«برج الحظ».

ومن المسرحيات التي قدمها محمد عوض «العبيط»، و«مساء الخير يا مصر»، و«مطرب العواطف»، و«أصل وصورة»، و«مجرم رغم أنفه»، و«الطرطور»، ومن أفلامه «أميرة العرب»، و«المغامرون الثلاثة»، و«حارة السقايين»، و«شقة الطلبة»، و«إجازة بالعافية»، و«غرام في أغسطس»، و«مطلوب أرملة»، و«غازية من سنباط»، و«بابا عايز كده»، و«شهر عسل بدون ازعاج»، و«كيف تسرق مليونير»، و«السيرك والمساجين الثلاثة»، و«غرام في الطريق الزراعي»، و«أزمة سكن»، و«شياطين البحر»، و«البنات والمرسيدس»، و«مدرسة المشاغبين»، و«شلة المحتالين»، و«الشياطين في إجازة»، و«البحث عن فضيحة»، و«عريس الهنا»، وغيرها، إلى أن توفي «زي النهارده» في 27 فبراير 1997.

ويقول المخرج والناقد المسرحي، الدكتور عمرو دوارة، إن محمد عوض نجح حقا في إسعادنا بتجسيده للعديد من الأدوار الجميلة والتي قد تزيد عن مائتي عملا خلال فترة تقترب من نصف قرن بمختلف القنوات الفنية المسرح والسينما والدراما التلفزيونية والإذاعة، ولكن يبقى له وككل المسرحيين عشقه الأول للمسرح الذي وهبه عمره وفكره وجهده بكل الحب والتفاني، فاستطاع من خلاله أن يقدم لنا أدوارا كثيرة ومتنوعة أبدع في رسمها وتشخيصها بوعي فني راق، وقدرة وتمكن واضحين، فنجح وككل صانع ماهر في إخفاء الصنعة لتظهر التلقائية على السطح، وليستحق عن جدارة لقب «فيلسوف الكوميديا» بثقافته الفنية واختياره الدقيق للأدوار.

ومحمد عوض ينتمي إلى الرعيل الثاني لنجوم الكوميديا، والذين تحملوا عبء القيام ببطولة الأعمال الكوميدية في الإذاعة والمسرح منذ خسمينيات القرن الماضي، والسينما والتليفزيون منذ السيتينيات والسبعينيات، وذلك بعد جيل الرواد ( نجيب الريحاني، على الكسار، فوزي منيب، فوزي الجزايرلي، محمد كامل المصري وآخرين)، وقد تميز «محمد عوض» فيما بينهم بإنتاجه الغزير المتنوع وبثقافته الفنية الراقية ودأبه الشديد على تقديم كل ما هو جديد، حتى لو اضطر إلى المغامرة بالمشاركة في الإنتاج للارتقاء بمستوى العروض الكوميدية التي يقدمها كما أن ثقافة الفنان الراحل وقدراته الفنية لم تتح له فقط فرصة تطوير آدائه وأسلوبه الفني من تقديم كوميديا الفارس- التي يعتمد فيها على المبالغة في الحركة والأداء والتكرار اللفظي واستخدام الإشارات بكثرة- إلى تقديم الكوميديا الراقية التي تعتمد على الموقف والشخصية، بل سمحت له أيضا بأن يصبح صاحب أكبر نصيب من الأدوار الفنية العالقة بالأذهان والمحفورة في وجدان الجمهور تلك الأدوار التي يصعب نسيانها، وربما يعود السبب في ذلك إلى تدقيقه الشديد في اختياره للأدوار، ودراسته للعلوم الفلسفية بكلية الآداب، وبالتالي قدرته على تحليل الشخصيات الدرامية، وكذلك معرفته بكيفية استقبال الجمهور لتلك الشخصيات هذا بخلاف حرصه على عدم حبس قدراته في إطار واحد.

ويحسب له أيضا مشاركته في بطولة بعض المسرحيات العالمية التي قدمت باللغة العربية الفصحى، كما يضاف إلى رصيده الفني عمله بكل من مسارح الدولة ومسارح القطاع الخاص بحثا عن الأجود والأفضل، لذلك عاشت الشخصيات الكوميدية التي قدمها لنا والتي تميزت أغلبها بشخصية الإنسان الطيب الذي يبغي الخير ويشعر بهموم البسطاء ويعمل على تحقيق آمالهم وأحلامهم حتى ولو اضطرته الظروف إلى الوقوف في أوجه الطغاة الظالمين، وغالبا ما ينصره القدر في النهاية ويمنحه الفرصة لاسترداد حقوقه نظرا لطيبة قلبه وحسن نواياه.

واستمر بعد ذلك في مسيرته والتي قدم لنا خلالها العديد من الأدوار المتميزة التي عاشت بالذاكرة ومن أهمها: دور «عاطف الأشموني» الأديب الجاد والمبدع المغمور البعيد عن الأضواء، وذلك في مسرحية «جلفدان هانم»، ودور الصحفي النزيه/ أبوالمكارم الذي يفاجأ بأساليب بعض القيادات الصحفية في مسرحية «أصل وصورة»، وشخصية المطرب الشهير/ كمال وجدي معبود الفتيات في مسرحية «مطرب العواطف»، وبتجسيده لخمس شخصيات أو أنماط مختلفة لأبناءالأرناؤوطي في مسرحية «نمرة 2 يكسب»، وأيضا بتجسيده لشخصية «عطية» في مسرحية «ولا العفاريت الزرق»، ليتميز بعد ذلك بنجاحه في تجسيد شخصية الشاب الساذج الذي يقع ضحية لاستغلال البعض ومن أشهر نماذجها أدواره في مسرحيات العبيط، الطرطور، سفاح رغم أنفه، وجمعيها أدوارا مهمة في مسيرته المسرحية، شهدت تعاظم خبراته وتطور آدائه.

ثم قدم لنا بعد ذلك على سبيل المثال شخصية «الشاطر حسن» في مسرحية «شهرزاد»، و«عطية كراوية الساعي الشريف في مسرحية»نقطة الضعف«، و»الدكتور/ حكيم«بمسرحية المهزلة، وأخيرا السيد/ محتشمي فواز بمسرحية»القاهرة 80«، وليتألق في آخر أدواره المتميزة في عرضه الأخير»مساء الخير يا مصر«حيث يقدم لنا شخصية مدرس الألعاب الذي يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وشخصية المغترب المصري الذي أضاع سنوات عمره في دول النفط بحثا عن الدولارات لشراء شقة تمليك ولكنه يفاجأ عند عودته بمرور السنوات سريعا وضياع حلم عمره، حيث قهرت الشيخوخة حبيبته وأصابتها بالعديد من الأمراض.