دولا مين؟!

محمد أمين الجمعة 26-02-2016 21:35

(1) رحم الله عمنا أحمد فؤاد نجم.. كنت أحب أسمعه عندما يُغنى «دولا مين ودولا مين؟.. دولا عساكر مصريين».. وأحب أسمعها من الشيخ إمام، وأحب أسمعها من أنغام.. أصلهم كانوا عشاق بيادة!

مساء «الخميس» الماضى، كانت «أنغام» تغنى تحت سفح الهرم «دولا مين؟».. ونطق «أبوالهول» وخرج عن صمته: «دولا عساكر مصريين».. ردد آلاف الحاضرين «دولا الورد الحرّ البلدى.. يصحى يفتح، اصحى يا بلدى»!

عندما تسمعها جسمك يقشعر وتبكى.. لأنها كانت من القلب، ويا سلام لما تسمعها من سعاد حسنى ولا محمد منير.. يتجدد فيك الأمل.. ولما ترجع تسمعها من الشيخ إمام تبكى.. لا كان «نجم» منافقاً، ولا الشيخ إمام!

(2) كانوا وطنيين لا يشوب وطنيتهم شائبة.. قل وطنى، ولا تقل منافق.. ممكن يجوع، لكن إلا الوطن، وإلا الجيش.. الحكاية مش وجهة نظر.. هؤلاء دخلوا السجون، وخرجوا منها يغنون للوطن.. لا طعنوه ولا اتريقوا عليه.. عارفين قيمته فعلاً، لأنه «دولا خلاصة مصر يا ولدى، دولا عيون المصريين»!

عرّفوا أبناءكم أن كل رجل جيش «مشروع شهيد».. «استبن موت» علشان نعيش.. من يضحى بروحه لا يكذب.. صدقوه عندما يتحدث عن الموت.. فقد رأى الموت ألف مرة، ولم يجبن، ولم يهرب أبداً.. عاد مرة أخرى للجبهة يحمل السلاح وينتظر دوره فى الشهادة.. يعرف أن بقاءه فى الخدمة يحفظ «بقاء الدولة»!

(3) حضرت خطاب الرئيس فى مسرح الجلاء.. كان يتحدث عن فكرة البناء وفكرة البقاء.. كان محتشداً وكان مهموماً وكان حاسماً.. كنتُ أمام قائد يفتدى وطنه بروحه.. توعّد من يقترب من مصر إنه يشيله من على وش الدنيا.. أحسسنا بالخطر.. قال بسرعة: لا أستدعى الخطر لإجراء استثنائى.. وجودنا مع بعض مش إجراء استثنائى!

هناك من فسّر إشارات الرئيس خطأ.. هناك من حمّل الأشياء أكثر مما تحتمل.. فمن توهّم أنه يريد تكميم الأفواه، عندما قال «اسكتوا».. ومن توهم أنه سيبقى فى الحكم، لأنه قال «مش هسيبها أبداً».. طيب تقولهم إيه؟!.. أما عندما قال «لو ينفع أتباع هتباع» فسروها بطريقة مريضة.. مع إن الحكاية باينة، ولا تحتاج لتفسير!

(4) فى لحظة إنسانية نادرة، ساد الصمت أرجاء المكان.. كان الرئيس يتماسك ليعاود الخطاب من جديد.. قلت بصوت مخنوق «تعيش يا ريس».. وهنا تماسك الرئيس، وضجّت القاعة بالتصفيق.. دولا رجال مصر.. لا باعوا ولا خانوا ولا فرّطوا.. كلمة الرئيس يفهمها أولاد البلد.. ولا يفهمها المتسكعون فى فضاء الإنترنت!

فى لحظات الأزمات العائلية، يقول الأب لأولاده: «متخافوووش».. لو اقتضى الأمر هبيع هدومى علشانكم.. تعبير مصرى خالص.. يعنى اطمّنوا، إنتوا مش لوحدكم.. هذا ما أراد الرئيس أن يقوله.. لم يضن بروحه من قبل.. والآن يفعلها من جديد.. بدون أى فذلكة أو فلسفة فارغة، وبدون أى تأويل!

(5) أدهشنى ما سمعت وما رأيت.. تعجبت من التفسيرات والتأويلات.. كانت عكس الاتجاه، مع أن المعنى واضح للعيان.. فالرئيس كانت لديه رسائل مهمة.. راح يحذر من الشائعات، وإضعاف الروح المعنوية.. قال «اسمعونى أنا بس».. وللأسف استوعب الخصوم رسائله إلا أن «الفلاسفة» انهمكوا فى التفسيرات!