استهل الرئيس عبدالفتاح السيسي، زيارته إلى كازاخستان بالتوجه إلى القصر الرئاسي، حيث كان في استقباله نظيره نورسلطان نزارباييف.
وأقيمت مراسم الاستقبال الرسمي واستعراض حرص الشرف، وعزف السلامين الوطنيين للبلدين.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس السيسي عقد لقاءً ثنائيًا مع الرئيس نزارباييف بحضور عدد محدود من الوزراء في البلدين استمر لأكثر من ساعة، أعقبته جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس نزارباييف رحب بالسيسي، في أول زيارة له إلى كازاخستان ومنطقة وسط آسيا، منوهاً بأن هذه الزيارة تتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لاستقلال كازاخستان.
وأعرب الرئيس الكازاخي، عن تقدير بلاده واعتزازها بعلاقاتها مع مصر، التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بكازاخستان فور استقلالها عام 1991، وأكد حرص بلاده على تنمية علاقاتها مع مصر في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية.
وأشاد الرئيس الكازاخي، بالجهود التي تبذلها مصر وبحكمة ودور القيادة السياسية المصرية من أجل دعم أمن واستقرار مصر، التي تُعد بمثابة دعامة رئيسية لمنطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن دورها الريادى في العالمين العربى والإسلامي.
كما أشاد بخطاب الرئيس السيسي أمام مجلس النواب المصري، وتابع إطلاق مصر لاستراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030» والتي تعكس جهود الدولة المصرية لدفع عملية التنمية الشاملة، فضلاً عما تشهده مصر من جهود جارية للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وتحسين جودة الحياة في مصر.
ووجّه السيسي، الشكر للرئيس نزارباييف على دعوته لزيارة كازاخستان، مؤكداً حرصه على تلبيتها باعتبار كازاخستان من الدول الصديقة التي تعتز بها مصر كثيراً، وتحرص على تنمية علاقاتها معها على جميع الأصعدة، كما وجه له التهنئة بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على استقلال كازاخستان، مشيداً بما حققته من نمو اقتصادي وإنجازات على مختلف الأصعدة. وأعرب الرئيس عن تقدير مصر لمواقف كازاخستان الداعمة للإرادة الحرة للشعب المصري، وتفهمها لحقيقة الأوضاع التي جرت في مصر.
واستعرض الرئيس مجمل تطورات الأوضاع التي شهدتها مصر على مدار السنوات القليلة الماضية، حيث أوضح أن الشعب المصري استطاع أن يصوب مسار ثورته، وأن يحافظ على هويته الوطنية المعتدلة في مواجهة دعاوى الغُلو والتطرف، وتوافقت القوى الوطنية المصرية على خارطة المستقبل التي تم استكمال كافة استحقاقاتها بتشكيل مجلس النواب الجديد.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء تناول استعراض مختلف مجالات التعاون بين البلدين، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر لدعم وتأييد كازاخستان لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، وتطلعنا لتعزيز التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات في الفترة القادمة، تمهيداً لتفعيل تلك الاتفاقية عقب التوقيع عليها.
وأعرب الرئيس عن التطلع للاستفادة من تجربة كازاخستان في إنشاء العاصمة الجديدة أستانا، وذلك في ضوء الجهود المصرية الجارية لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وفقاً لأعلى المعايير العالمية.
كما بحث الرئيسان إمكانية إقامة عدد من المشاريع الزراعية المشتركة، خاصةً في مجال الغلال، حيث رحب الرئيس بمقترحات تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الأمن الغذائي على ضوء قرار مصر بالانضمام لمنظمة الأمن الغذائي التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تم اقتراح إنشاؤها بمبادرة من الرئيس نزارباييف.
وأعرب الرئيس عن التطلع لزيادة ومضاعفة أعداد السياح الوافدين من كازاخستان، ورحب سيادته بتسيير خط طيران مباشر بين أستانا وشرم الشيخ اعتباراً من شهر مارس المقبل. وقد أكد الرئيس الكازاخي اهتمام بلاده بمصر كمقصد سياحي كبير، نظراً لما تتمتع به من حضارة عظيمة ومناخ معتدل، فضلاً عما تزخر به من تراث أثري عظيم، مؤكداً تشجيعه لمواطنيه على السفر إلى مصر.
كما أكد الرئيسان، أهمية التعاون في مجال تجارة الترانزيت، وإمكانية التكامل بين مشروع «الطريق المضيء» الذي أطلقه الرئيس الكازاخي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبين مشروع التنمية في منطقة قناة السويس، وذلك في إطار الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد الذي يدعمه البلدان ويساهمان فيه.
وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس الكازاخي أشاد خلال اللقاء بصناعة الدواء المصرية، منوهاً بأن هناك 40 دواءً مصرياً مسجلاً في كازاخستان، ومعرباً عن تطلع بلاده لإنشاء شركات مشتركة مع مصر في مجال تصنيع الأدوية، وهو الأمر الذي رحب به الرئيس. كما تطرقت المباحثات إلى موضوعات التعاون في مجال الفضاء، لا سيما أن مصر أطلقت أول قمر صناعي لها من كازاخستان، بالإضافة إلى سبل التعاون بين البلدين في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وأكد الرئيسان أهمية مواصلة الجهود الدولية والتعاون فيما بين البلدين من أجل إنشاء مناطق خالية من السلاح النووي.
وتوافق الرئيسان كذلك على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في المحافل الدولية، ومواصلة الجهود من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا من خلال التعريف بصحيح الدين الإسلامي وقيمه السمحة النبيلة التي تحض على التسامح والرحمة، والتعارف وقبول الآخر. وفي هذا الصدد أشار الرئيس إلى الجهود المقدرة التي يقوم بها الأزهر الشريف باعتباره منارة للفكر الوسطي المعتدل.
كما رحب الرئيس بمبادرة الرئيس نزارباييف لعقد مؤتمر «الأديان ضد الإرهاب» الذي تستضيفه كازاخستان العام الجاري باِعتباره خطوة مهمة لتعزيز الحوار بين الأديان والحضارات.
وفي سياق متصل، أشار الرئيسان إلى دور الجامعة المصرية الكازاخية للثقافة الإسلامية في تخريج أئمة وعلماء ينشرون مناهج الفكر الإسلامي المستنير بوسط آسيا.
وأشاد الرئيس الكازاخي بالدور الذي يقوم به الأزهر الشريف والجامعات المصرية في تعليم أبناء كازاخستان في مصر.
وذكر السفير علاء يوسف، أن المباحثات أكدت تقارب رؤى البلدين تجاه عدد من قضايا منطقة الشرق الأوسط من واقع اتساق مواقفهما الداعمة لجهود إحلال السلام والاستقرار حول العالم، ولاسيما التوصل إلى حلول سياسية للأزمات الإقليمية الراهنة، بما يحفظ وحدة الدول وسيادتها على أراضيها ويصون مقدرات شعوبها ويضع حداً لتدهور الأوضاع الإنسانية الذي تشهده بعض دول المنطقة، فضلاً عن أهمية تعزيز جهود المجتمع الدولى لوقف إمدادات المال والسلاح للتنظيمات الإرهابية.
وفى نهاية المباحثات وجَّه السيسي، الدعوة للرئيس نزارباييف لزيارة مصر خلال عام 2017 بمناسبة مرور 25 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما رحب به الرئيس الكازاخى ووعد بتلبية الدعوة في ضوء المكانة التي تحظى بها مصر لدى كازاخستان وشعبها.