بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة سرت الليبية في فبراير الماضي، يغادر يوميًا ما بين 60 و80 أسرة تلك المدينة الواقعة في وسط ليبيا، في محاولة للتخلص من كابوس داعش وما تفرضه على سكان المدينة من أمور يصعب على أي بشر احتمالها، وذلك حسب ما ذكر موقع صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية.
ففي 14 فبراير 2015، استولى تنظيم داعش على عدد من المباني بمدينة سرت، والآن أصبح يسيطر على قطاع عريض من أكثر من 230 كم يمتد من غرب سرت حتى مدينة بن جواد.
ولم يتوقف سكان المدينة عن اللوذ بالفرار، حيث قال عمار سليمان، المسؤول عن نقطة تفتيش أبوجرين، أن هناك من 60 إلى 80 أسرة تغادر المدينة يوميًا، والعدد في تزايد، فهناك أكثر من 3100 أسرة غادرت المدينة بالفعل.
وفي 14 فبراير 2016 بعد عام كامل من المعاناة، قررت زينب وزوجها وطفليهما 4 سنوات، 19 شهرًا، مغادرة المدينة، حيث قالت إن الحياة تزداد صعوبة بمرور الوقت، وإنه لم يعد هناك حليب للأطفال، كما أن المدارس أغلقت أبوابها.
ويقول المسؤول عن اللاجئين القادمين من سرت لمصراتة أنه عندما وصل تنظيم داعش للمدينة أخذوا مفاتيح جميع البنوك، وأغلقوا جميع صالونات الحلاقة، ومنعوا السجائر، وذهبوا للمدارس لإعطاء دروس عن فكرهم والترويج له، وفي الجامعة كانوا يضربون الفتيات بالعصي ليعودوا لمنازلهم مرة أخرى، كما توقف الآباء عن إرسال أبناءهم للمدارس، وفي الطرق يسأل أعضاء داعش الأطفال عن معلوماتهم عن التنظيم، فإذا أجابوا جيدًا يكافئونهم، وإذا لم يجاوبوا يسألوا آباءهم.
وتقول زينب إن النساء في المدينة كانوا ينتظرون الموت في منازلهم، وإنها عندما كانت تخرج لابد أن تخرج بصحبة زوجها، وأن تغطي جسدها من رأسها لأخمص قدميها، وإلا يجب أن تدفع غرامة بما يعادل 58 يورو، كما يعاقب الأزواج على ذلك بـ40 إلى 100 جلدة، وذلك يعتمد على القاضي، لأن كل من لا ينفذ أحكام وقواعد داعش يُرسل للمحاكمة أمام القاضي.
ويقول أحد السكان الذين غادروا المدينة، إن رجال التنظيم منظمين جدًا، فهم لديهم 3 أنواع من الشرطة، شرطة للنساء، وشرطة للأمن، وشرطة للتجار، وتلك الأخيرة مسؤولة عن فرض الضرائب وفقًا للأرباح.
وتتابع زينب أن التنظيم ذبح في اليوم السابق 3 أشخاص في الميدان الرئيسي، وأجبروا المارة على المشاهدة، كما أصبح تنفيذ الإعدامات في الميادين العامة أحد طقوس يوم الجمعة في مدينة سرت.
ويقول أحد السكان الفارين لمصراتة، إنهم قتلوا أخيه بتهمة الانضمام لجماعة فجر ليبيا، وكانوا يعدوهم قبلها بالإفراج عنه، حتى قتلوه صلبًا، وظلت جثته معلقة وسط أحد ميادين المدينة يومين متتالين، ووضعوا عليه لافتة مكتوبًا عليها «بلطجة فجر ليبيا»، وفجر ليبيا هي جماعة مسلحة داعمة لحكومة طرابلس.
وتقول زينب إنهم كي يغادروا المدينة مروا على 3 نقاط تفتيش لداعش، حيث كانوا يجبروهم على إخراج كل ما بالسيارة، ويفتشون جميع الحقائب، وبالنسبة لهم مغادرة السكان أمر جيد كي يتخذوا منازلهم لإيواء المجاهدين الوافدين على المدينة.
فوفقًا لغرفة عمليات المنطقة المركزية فإن عدد المجاهدين وصل لما بين 2500 و3000، وهم يتسللون للبلاد برًا من ناحية الجنوب، ولكن قد يأتون أيضًا عبر الجو، فمنذ عدة أسابيع أقلعت طائرة من إسطنبول لمصراتة وكان على متنها 8 أشخاص يحملون جوازات سفر زائفة وكانوا ينوون الانضمام لداعش في سرت، وكانت السلطات التركية حذرت الجانب الليبي قبل إقلاع الطائرة من إسطنبول، ومن ثم فإن مشاركة المعلومات والتعاون بين الدول أمر مهم لوقف مد داعش، حسب ما قال أحمد شلق، المسؤول عن الاتصال بغرفة العمليات.