دولنا متهمة أخطأت أو أصابت

جهاد الخازن الخميس 25-02-2016 21:23

ليس فى عالمنا العربى كله بلد واحد «كامل الأوصاف» وقد «فتنى» كما تقول الأغنية. مع ذلك تتعرض بلادنا لحملات يومية فى الميديا الغربية التى تتجاوز إرهاب إسرائيل والاحتلال والقتل والتدمير. فقط دولنا مطلوب منها أن تكون مثل امرأة القيصر فوق الشبهات.

أكتب اليوم عن بلادنا لا دفاعاً عنها، بل لمهاجمة الطرف الآخر، أى ذلك الطرف الذى يبحث عن عيوب موجودة أو وهمية، ويتجاوز الإرهاب الأكبر فى الشرق الأوسط.

كل يوم هناك أخبار عن مصر والبحرين. أقرأ عن تمديد اعتقال متهم فى مصر وعن إغلاق جمعية خيرية تحدثت عن التعذيب. والبحرين ليست فى وضع أفضل فأقرأ خبراً صادراً عن جماعة مراقبة حقوق الإنسان «يأمر» البحرين بإطلاق معتقل، ثم أقرأ بياناً لجمعيات سياسية بحرينية تدعو إلى الحوار. كان الحوار مفتوحاً وتابعته يومياً مع ولى العهد الشيخ سلمان بن حمد. ثم أوصدت الأبواب قيادات تدين بالولاء لإيران فى مقدمها «الوفاق» وآيات الله فيها مثل على سلمان وعيسى قاسم.

حتى الكويت لم تسلم من النقد مع أن فيها نظاماً برلمانياً ديمقراطياً والشيخ صباح الأحمد الصباح، حكيم الخليج والأمة كلها. كنت قرأت بياناً عن تقدم فى حقوق عاملات المنازل، ولم تطل الفرحة فقد قرأت بعده خبراً عن «حكم بإعدام رجلين فى محاكمة شابتها عيوب فى الكويت». هذا رهق فالنظام فى الكويت لا يقتل الناس.

تونس تُوصَف بأنها «ديمقراطية» فى الميديا الغربية، إلا أن هذا لم يمنع أن تُنتَقَد، فالقانون الذى سيخفف العقوبات على متعاطى المخدرات سيؤدى إلى زيادة انتشارها كما قررت جمعية غربية لحقوق الإنسان.

وكنت أعتقد أن رئيس الوزراء المغربى الأخ عبدالإله بن كيران نموذج يُحتذى للإسلامى المعتدل الواعى، غير أننى قرأت أن حكومته وقفت موقفاً ضعيفاً من العنف الأسرى... يعنى لم يبقَ إلا أن يُتَّهَم الأخ عبدالإله بزيارة البيوت لضرب الزوجات.

أتجاوز قطر اليوم وأسأل: هل يعرف القارئ أن عُمان اعتقلت «منتقدين على الإنترنت»؟ الآن أصبح يعرف.

ربما ما كنت كتبت ما سبق كله لولا أن قرأت «أميريكيون يعذبهم حلفاء لأميركا» فى الإمارات العربية المتحدة.

أولاً، ليس للولايات المتحدة حلفاء عرب مع أنها تدّعى ذلك، فحليفها هو دولة الجريمة إسرائيل.

ثانياً، كاتب المقال جاكسون دييل يهودى أميركى يؤيد إسرائيل، ما يلغى صدقيته فى كتابى الخاص.

ثالثاً، الموضوع يتحدث عن اعتقال رجل وابنه وهو كله على لسان ابنة المعتقَل التى لم تجد غير دييل لتشكو له.

رابعاً، دييل يصدِّق البنت، ولكن لا يصدِّق سفير الإمارات الذى نفى التهم.

أرجو أن يكون واضحاً جداً أننى لا أقول إن البنت تكذب، وإنما أقول إنها طرف فى القضية، والموضوعية تقضى أن يكون هناك طرف محايد رأى الأب والابن وأكد التعذيب أو نفاه.

وإذا كان ما سبق لا يكفى، فهناك خبر آخر عن مصرى تعرض لتعذيب «وحشى» فى الإمارات، والخبر كله على لسانه، مع ذلك جماعة مراقبة حقوق الإنسان تصدقه. هذا انحياز وليس موضوعية.

نقلاً عن جريدة «الحياة» اللندنية