السيسى.. والخروج عن النص

محمد السيد صالح الخميس 25-02-2016 21:24

«الخروج عن النص» أو «الاسترسال» له سحر خاص مع جمهور المتلقين، سواء فى اللقاءات الجماهيرية المباشرة، أو عبر وسائل الإعلام، لكن له ضوابط نفسية وإعلامية حادة وإلا تحول لكارثة.

الرؤساء السابقون ابتداءً من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، انتهاءً بالرئيس المخلوع محمد مرسى، اشتهروا إعلامياً «خارج النص»، وحتى الآن نردد عبارات بعينها لعبدالناصر والسادات لم تتضمنها الخطابات الرسمية.

وباستثناء مرسى، فإن بقية الرؤساء كانوا محظوظين، حيث توارت أخطاؤهم اللغوية والمعلوماتية، أو زلات ألسنتهم، ولم تبق إلا الأشياء الإيجابية.

لعب المونتاج وعدم انتشار وسائل الإعلام، وشعبية هذا الزعيم أو ذاك، الدور الأهم فى بناء صورته الذهنية أو تنزيهه عن أى خطأ.. وأحياناً اجتمعت كل هذه العوامل لتحذف مواقف وعبارات بعينها من مسيرة الرئيس أو كلماته.

مع «مرسى» كان الوضع مختلفاً، انتشرت الـ«سوشيال ميديا» وتطورت وسائل الإعلام، فتحول الخطأ سواء فى المظهر أو السلوك أو حتى طريقة الكلام إلى مجموعة من النكات والاسكتشات وقفشات على الفيسبوك وتويتر، وكان مادة دسمة للبرامج الكوميدية.

لا ينبغى أن يصبح الرئيس السيسى كذلك. الوسيلة فى نظرى ليست بالتضييق على وسائل الإعلام المحلية، سواء فى الصحافة المستقلة وما تملكه من مواقع، وكذلك الفضائيات، لأن الوسائط الاجتماعية لها التأثير الأكبر فى هذا المجال، أضف إليها المواقع الخارجة عن السيطرة فى الداخل والخارج والمواقع والصحف الغربية التى تمتلك إرادة وأدوات مستقلة بشأن الأوضاع فى مصر والرئيس السيسى.

التصحيح لابد أن يبدأ من الداخل.. ولو أراد رجال الرئيس ممن يهمهم شعبيته وصورته الذهنية فإنهم سينجحون فى أسابيع معدودة.

شاركت فى مؤتمرات قمة وبمناطق عديدة من العالم.. أجريت اتصالاً هاتفياً وراجعت عدداً من الأخبار مع زملائى فى الجريدة وأنا على بعد أمتار من الزعماء الخليجيين، خلال قمتهم بالكويت قبل عدة أعوام، هنا فى مصر ينعزل الإعلاميون عن العالم خلال تغطيتهم لأى نشاط للرئيس.. ولكن عندما سألنى عدد من الزملاء وفى إحدى الفضائيات عن هذه الإجراءات المتشددة، أشدت بها رغم تأثيرها على عملى، وقلت لهم إن الأجواء ملتهبة وسلامة الرئيس أهم.

الحرس الجمهورى أنشط وأذكى من الجهاز الإعلامى للرئيس. «الحرس» ناجح فى تأمين الرئيس أمام المئات أو الآلاف، لكن الجهاز الإعلامى فاشل حتى الآن فى تقديمه للملايين. لديهم رئيس فائز بنتيجة تفوق الـ96%، ومحبوب، ولديه جماهيرية طاغية. هم اعتمدوا على ذلك ولم يقوموا بعملهم كما ينبغى، ولذلك فإننا نحذر من تأثير ذلك على شعبية الرئيس.

وبمناسبة هذه السطور، فإننى كنت أجهز مقالاً آخر عن السفير سليمان عواد، آخر متحدث رئاسى فى عهد الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، وأقارنه بأداء المتحدث الرئاسى الحالى.. والحقيقة فإن الأداء الإعلامى لمؤسسة الرئاسة فى عهد الرئيس المؤقت، عدلى منصور، كان جيداً أيضاً فى حدود الإمكانيات والدور المتاح للرجل وجهازه.. كان لديهم وعى، وحرص على التواصل مع الإعلام، وفى تقديم الرئيس أكثر مما هو موجود الآن.

والخلاصة عندى أن رجال الرئاسة- ومنهم الجهاز الإعلامى- يركزون الآن فى متابعة ومراقبة وسائل الإعلام أحياناً خارج القانون.. وتناسوا، أو تغافلوا، أو تكاسلوا عن عملهم الأصلى، وهو: صورة الرئيس!