سيدى الرئيس عبدالفتاح السيسى، كم مرة أنادى عليك وأنت لا تسمعنى، فإذا كنت لا تسمع صاحب القلم فهل ستسمع المواطن البسيط الذى قبلت كرسى الرئاسة من أجله وهو يتوجع من معيشته وكل يوم بحال؟.. مؤكد أن أجهزتك الاستخباراتية تنقل لك صورة الشارع المصرى وما يُقال فيه، وإذا كانت تنقل لك غير الحقيقة تأكد أن ما حدث مع مبارك سيحدث معك.. هذه الأجهزة زينت لمبارك الحياة حتى أصبح المشهد الأمنى والاقتصادى والسياسى فى مصر زفت وهو لا يدرى بحالة الغليان التى كانت تنتظره فى 25 يناير.. بسبب التقارير الكاذبة.. وفى ساعات تنتهى حياة مبارك بثورة شعبية.
صحيح أنت يا سيدى الرئيس لن تنتظر هذه الساعة لأنك بطبيعتك حساس، يوم أن تستشعر أن الشعب قد ضاقت صدوره لن تستمر يوما فى موقعك، بل ستدعو إلى انتخابات مبكرة، حفاظا على أمن مصر، وحتى لا تتعرض مصر للفوضى التى عشناها فى أحداث يناير.. مؤكد يا سيدى الرئيس سوف تفعل هذا، لأن المصريين يعرفون أنك ليست لك أطماع فى كرسى الرئاسة، وأنك جئت إليه بإلحاح من الشارع المصرى.. صحيح أنك قلت إنك فى حاجة إلى كل الأيادى معك.. لكنك تعرف طبيعة المصريين، يأكلون ولا يعملون، يطالبون ولا يُنتجون، فلا تقل إنك أخذت مقلبا يوم أن أصبحت رئيسا.. كل شىء كان برضاك، فأنت الذى وضعتَ خريطة الطريق بعد ثورة الشعب فى 30 يونيو، وأنت الذى احتضنتَ الشعب فى هذه الثورة يوم أن قلت إن المصريين فى حاجة إلى مَن يحنو عليهم.. فهل يا سيادة الرئيس حَنَوْتَ على الموظف الغلبان الذى أصبح يعانى ظروفا قاسية فى معيشته؟ مؤكد لا.
سيادة الرئيس.. لا تقل إن توسعة قناة السويس التى كانت إعجازا سوف تحقق الرخاء لكل المصريين، لا تَنْسَ أنها تحققت بفلوس المصريين التى أصبحت دَيْنا فى رقبتك، المهم أن تحقق ثمارها حتى لا تكون عبئا على خزينة تعانى الجفاف بسبب حكم الإخوان، ولولا إخواننا فى الإمارات والسعودية والكويت ما كان عندنا احتياطى يُجمّل شكلنا دولياً.. إذن القضية لم تعد قضية ميزانية بل إنها قضية أخلاقية، فأنت يا سيادة الرئيس ترى الحكومة تضحك على الشعب بأعباء ولم نسمع أنك استخدمت العين الحمرا وساندت المواطن الغلبان بأن رفعت عن كاهله زيادة سعر الكهرباء والوقود أو أسعار أكله وشربه، وكلها أعباء جديدة فرضتها الحكومة بنظام الشرائح، لا أحد يعترض على أى زيادة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، لكن ليس بالضرورة أن يكون أصحاب الدخول الضعيفة ضمن هذه الشرائح، كان فى مقدور الحكومة إعفاء كل مَن كان متوسط نصيب الفرد فى الأسرة فى حدود 500 جنيه، وهنا أقول نصيب الفرد وليس دخل الفرد، لأن هناك أسراً تعدادها خمسة أفراد مرتبطة بدخل واحد، وهو دخل رب الأسرة، وقد يكون دخله فى حدود 2500 جنيه، فأين البعد الاجتماعى هنا لأسرة تعدادها خمسة أفراد؟ ربما لا يعلم الرئيس أن مصر بها شريحة من كبار السن على المعاش معاشهم لا يغطى قيمة الأدوية التى يحتاجونها فى حياتهم، مع أن الأمراض التى يعانون منها هى ثمن الخدمة بعد الوظيفة التى استهلكت صحتهم فى سنوات العطاء، وبعد أن بلغوا سن المعاش لم يجدوا مَن يدفع لهم الثمن ليعوضهم عن صحتهم التى فقدوها، وهؤلاء كثيرون يعانون أمراض السكر والضغط والكساح بسبب الوظيفة.. وعندى عينة يا سيادة الرئيس: موظف الأمن الذى فى عمارتنا قيل إنه يعمل مقابل 800 جنيه فى الشهر تصل إلى ألف بالبقشيش الذى يحصل عليه من السكان، ولأنه على المعاش قَبِلَ هذه الوظيفة على أنها «نواية تسند زير»، لأن مصاريفه كثيرة وعنده أولاد فى الجامعة ومعاشه لا يزيد على ألف ومائتى جنيه، وقد لا يملك ثمن قميص أو بلوفر يحميه من البرد.
سيادة الرئيس، إلى متى سأظل أدافع عن سياستك عند الغلابة الذين لا يهمهم المستقبل بقدر ما يهمهم رغيف الخبز الذى يطفئ لهيب الجوع داخل بطونهم؟.. أتمنى أن تطلب من الأجهزة أن تتحرى وتنقل لك الصورة الأمينة لشعب لايزال حتى هذه الساعة يحبك، ولا نعرف غداً ماذا سيحدث يوم أن تفقد جزءاً كبيراً من رصيدك عند الغلابة.
ghoneim-s@hotmail.com