تصبح على خير

أسامة كمال الإثنين 22-02-2016 21:27

القائمون على مؤتمر الكوميسا كان يجب عليهم أن يتنبهوا أنهم يعقدون مؤتمرهم في شرم الشيخ في توقيت خاطئ، فلم يعره الكثيرون الانتباه.. الإعلام لم يلتفت إليه والمواطنون لم يحاولوا متابعة أخباره وما صدر عنه من أخبار احتل مرتبة متأخرة بعد كل الأحداث التي كان أمناء وأفراد الشرطة أبطالها من قتل لسحل لتحرش وبالطبع ما كان عليهم أن يغفلوا أهمية خبر الطفل المتهم بالتجمهر والعنف..

لو كنت قائما على المؤتمر لأمرت بتأجيله حتى تنتهى موجة انتهاكات الأمناء والأفراد والضباط حتى تحظى جلساته باهتمام أكبر، ولكنه سوء التقدير الذي جعل المنظمين يصرون على عقده ومصر مشغولة بأحداث أكبر فاختفى بين طيات الصحف وضاع داخل أخبار تليفزيونية قصيرة وتاهت التصريحات والاتفاقات.

أضف إلى المؤتمر فلم تحظ محادثات الرئيسين المصرى والسودانى ورئيس الوزراء الإثيوبى أيضا بأى اهتمام لأنها جاءت في الوقت الخاطئ حتى ولو كانوا يتحدثون عن قضايا مهمة تؤدى إلى محاولة الاتفاق على قضية حيوية وهى نهر النيل وسد النهضة.. وما أشبه الليل بالبارحة، ففى الوقت الذي انصب كل اهتمامنا على أحداث ثورة 25 يناير كانت إثيوبيا تتحرك سريعا لإنجاز الخطوات الأولى من بناء السد رغم بعض الصرخات القليلة التي لم تثر الانتباه بأن النيل يضيع من بين أيدينا..

رغم أهمية ما حدث ويحدث من ممارسات للشرطة تتطلب تدخلا فوريا لمنعها والحد منها، إلا أن اندفاع الجميع للإدانة ودق نواقيس الخطر وتنبيه الرئيس بأن شعبيته تتآكل وعرض معايرة الأمناء للضباط بأنهم من أصحاب الخمسين بالمائة فردوا عليهم بمعايرة أنهم من ساقطى الإعدادية فاختلطت الأمور وصارت مصر بأكملها ساحة معارك كلامية.. وعادت مقاطع حاتم للإعلام وانفجر الفيس بوك غضبا وتشييرا وتعليقا.. وهو أمر لا يمكن إنكار حق الناس فيه، ولكن.. ما أشبه اليوم بالبارحة.. إنها نفس الأجواء وأكاد أرى داخل عقلى صور الحريق ورائحة الدخان مرة أخرى.. الصورة يعاد بناؤها بنفس التفاصيل القبيحة..

أتمنى أن أقول إن مرتكبى أفعال الشرطة من المتآمرين على الوطن ولكنهم ليسوا كذلك.. أكاد أجزم بتدخل جهات لإشعال النار أو على الأقل تأجيج النار المشتعلة، بعضها بالصمت المريب والآخر بالتصريحات الرهيبة المتناقضة حتى شعرت بأن الكل مشارك بشكل أو بآخر.. ولكن في النهاية لم يحاول القائمون على المؤتمر أن يخرجوا بتصريحات تنافس على صدارة الأحداث مثل: «مناقشة تحرش الدولار بالجنيه في المؤتمر» أو «ضبط مجموعة من رجال الأعمال متلبسين بمحاولة العمل الجاد» أو «القادة الأفارقة يطلقون النار على فشل الماضى» ربما كانوا لفتوا الانتباه لأنفسهم ومؤتمرهم..

ما حدث من رجال الشرطة كان يستوجب التعليق والتحليل ولكنه ما كان له أن يحتل معظم الصفحات الأولى في الصحف وكل مقدمات برامج التوك شو ليس لأنها أحداث فردية، لأن الأمر لم يصبح كذلك ولكن لأنها أحداث جسيمة ولكنها يجب ألا تلهينا هذا الإلهاء الكامل..

غدا تحل المشكلة أو لا تحل وهذا يعتمد على قدرة الحكومة والبرلمان في استحداث تشريعات يرضى عنها المجتمع ثم تطبق بوضوح، تشريعات أو قواعد عادلة تفرض النظام على القائمين على النظام.. ولكن في صبيحة اليوم التالى سنجد أنفسنا نعود لنفس القضايا السابقة كما فعلنا في الصبيحة التالية لاستقالة محافظ الإسكندرية ولاختيار ملعب الأهلى والزمالك وغيرها من أمور تجمعنا خلفها كما يتجمع الدجاج حول الطعام ونستيقظ ونسأل «هو حصل إيه واحنا مشغولين في الموضوع الفلاني».. فيأتينا الرد «ولا حاجة يا حبيبى.. كمل نومك.. تصبح على خير».