الرئيسة هيلارى ومصر

محمد كمال الأحد 21-02-2016 21:49

لا يوجد عندى شك أن هيلارى كلينتون لديها الفرصة الأكبر للفوز برئاسة الولايات المتحدة فى الانتخابات القادمة، وأن احتمال خسارتها سيعود إلى الأخطاء التى قد ترتكبها هى وليس قوة منافسيها كما يقول التعبير الإنجليزى It’s hers to lose.

ماذا يعنى فوز هيلارى كلينتون بالنسبة لمصر؟ هيلارى لديها خبرة واسعة بمصر كسيدة أولى فى عهد زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، وكعضو مجلس الشيوخ، ووزيرة الخارجية السابقة (من يناير 2009 إلى فبراير 2013).

بعض وسائل الإعلام المصرية نشرت حديثاً مقال الكاتب الأمريكى ديفيد إجنشيوس، والذى أثنى فيه على موقف هيلارى أثناء أحداث 25 يناير 2011، ومطالبتها بأن يحدث انتقال منظم للسلطة فى مصر حتى لا يحدث فراغ سياسى بالبلاد، فى حين فضل الرئيس أوباما ومجموعة من مستشاريه الشباب رحيل الرئيس مبارك على الفور، واعتبروا أن المطالبة برحيله تعنى أن الولايات المتحدة تقف فى الجانب الصحيح للتاريخ. وطرحت هيلارى كلينتون وقتها مجموعة من الأسئلة دون أن تقدم إجابات عنها، ومنها: ما هو تأثير تخلى أمريكا عن أحد حلفائها على مصداقيتها بين باقى الحلفاء فى المنطقة، وماذا لو حدث فى مصر أمر مشابه لما حدث فى إيران عام 1979 عندما اختطف المتطرفون الثورة الشعبية ضد الشاه وأقاموا دولة دينية، وماذا يعنى الوقوف فى الجانب الصحيح من التاريخ، وأى جانب هو الجانب الصحيح؟.

هيلارى إذن تتبنى نظرية أكثر واقعية لمصر وللشرق الأوسط، وسوف ينعكس ذلك فى سياستها الخارجية كرئيس للولايات المتحدة عكس باراك أوباما الذى سيطرت عليه مجموعة من الأفكار النظرية والمثالية سعى لاختبارها فى مصر والمنطقة. ومع ذلك سوف تستمر هيلارى كلينتون فى تبنى عدد من توجهات إدارة أوباما لأنها كانت شريكة فى صنعها أثناء توليها وزارة الخارجية فى عهده، ومنها تقليل الاهتمام بالشرق الأوسط وإعطاء الأولوية للقارة الآسيوية، وتعتبر هيلارى مهندس ما يعرف بالتوجه الأمريكى نحو آسيا، وسوف تستمر أيضا فى التعامل مع الإرهاب بنفس أسلوب أوباما الحذر، وفى الانفتاح نحو إيران.

لن يتغير موقف هيلارى من الإخوان فى مصر عن الموقف الحالى لإدارة أوباما، والذى يدعو لدمجهم فى النظام السياسى، ومايزال يصف محمد مرسى بأنه أول رئيس مدنى منتخب، وأن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية ولكنهم فشلوا فى حكم مصر، وأن تونس تمثل النموذج فى العالم العربى لأنها نجحت فى دمج الإسلاميين. هيلارى بالتأكيد لن تساند وصول الإخوان مرة أخرى للحكم، ولكن هذا الأمر لن يكون محل اختبار لفترة طويلة من الزمن. ولكن القضية الأهم والتى ستتعرض للاختبار فى عهد هيلارى كلينتون تتعلق بما يتردد الآن فى عدد من دوائر صنع القرار الأمريكى ومراكز الأبحاث الليبرالية القريبة من هيلارى، ويردد هؤلاء مقولة إن مصر أصبحت خارج السياق Egypt is irrelevant، أى أن العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة ومصر قامت على أساس أن مصر دولة إقليمية هامة وقادرة على التأثير فى الأحداث والأزمات الإقليمية، ولكن مصر تواجه تحديات فى ممارسة هذا التأثير بسبب أوضاعها الداخلية والتوازنات الإقليمية الجديدة، ويدعو هؤلاء لمراجعة أساس العلاقة الأمريكية المصرية، ويطالب الخبثاء منهم بتخفيض المعونات الأمريكية لمصر فى ضوء هذه التطورات.

الخلاصة: لا يجب توقع تغير إيجابى كبير فى العلاقات المصرية الأمريكية فى عهد الرئيسة هيلارى كلينتون، والكرة كانت وماتزال فى الملعب المصرى، وبناء القدرات المصرية فى الداخل والخارج، والانفتاح على القوى الكبرى الأخرى هو الذى سيحدد طبيعة العلاقة المصرية مع واشنطن، وليس فقط من سيصل للبيت الأبيض نهاية هذا العام.

makamal@feps.edu.eg