الأهلى والمصرى فى استاد القاهرة

ياسر أيوب الجمعة 19-02-2016 21:32

كنت أنوى الكتابة اليوم داعياً وزارة الداخلية لفرض هيبة الدولة وإقامة مباراة الأهلى والمصرى فى استاد القاهرة.. أن يقرر الأمن ذلك ويعلن بثقة وقوة ووضوح إقامة هذه المباراة فى قلب القاهرة وبدون جمهور وأنه لن يقبل أى محاولات لإفساد المباراة أو اقتحام الاستاد، ولن يسمح أيضا بأن تبدو الدولة خائفة ومرتبكة وحائرة بسبب مباراة كرة تفتش لها عن ملعب ومدينة، راجية أن تتنازل جماهير الناديين وتقبل أيا من الحلول التى تقدمها لهم دولتهم ووزارة داخليتهم..

لكننى فوجئت بجريمة أمين الشرطة فى الدرب الأحمر الذى قتل أحد السائقين بعد شجار وخلاف على الأجر.. وإصرار الناس على أخذ ثأرهم بأيديهم ومحاولتهم اقتحام مديرية أمن القاهرة.. وبالتالى أصبح من الصعب مطالبة وزارة الداخلية بإقامة هذه المباراة فى استاد القاهرة أو فى أى ملعب أو إقامتها أصلا..

فقد كان من الممكن أن أبقى متمسكا بمطلبى وأكتبه الآن برجاء وإلحاح فقط لو أن وزارة الداخلية تعاملت مع أزمة الدرب الأحمر بوضوح وعدالة وذكاء أيضا.. وبدلا من بيانات متسرعة تحاول نفى الاتهام واختلاق أعذار وقصص لن يصدقها أو يقتنع بها أحد.. كان من الممكن أن تؤكد الوزارة أن أمين الشرطة قاتل وأنها لن تتستر أو تحمى أى مجرم حتى لو كان أمين شرطة.. لكن وزارة الداخلية بدت على استعداد للتضحية بصورة الوزارة كلها ومكانتها وسمعتها وهيبتها مقابل عدم المساس بأمين شرطة واحد..

ولست أعرف المنطق الذى استندت إليه الوزارة لتقرر ذلك.. ففى كل مهنة ومجال هناك الصالح والفاسد والشريف والمجرم وصاحب المبادئ وعديم الأخلاق والشرف.. فلا الداخلية وزارة للملائكة ولا أى طائفة أخرى فى مصر من القضاة إلى الصحفيين إلى الأطباء والمحامين والمهندسين والسياسيين وأساتذة الجامعة وضباط الجيش.. والدفاع المستميت عن أمين شرطة مجرم يهدر حقوق ومكانة واستقامة الكثيرين جدا من ضباط الشرطة وأمنائها الذين لهم الاحترام والاعتزاز أيضا .. كما أن وزارة الداخلية بذلك تنقل تأثير ما جرى فى الدرب الأحمر إلى مصر كلها.. ويصبح من الممكن أو السهل تحويل أى مجرم أو بلطجى حقيقى إلى شهيد وضحية لبلطجة الداخلية..

فنحن أصبحنا نعيش زمن قلب الحقائق وإعادة صياغتها وتشكيلها حسب المزاج والهوى والمصلحة.. فقبل يومين فقط كان هناك قرار رائع وحكيم للأمن بنقل مباراة الأهلى وغزل المحلة أمس الأول من مدينة المحلة إلى الإسكندرية بعد تحريض سافر قام به بعض السفهاء والحمقى ودعوتهم لمحاصرة لاعبى الاهلى فى المحلة وإيذائهم أو حتى قتلهم.. وتم إنقاذ مصر من مأساة كروية أخرى محتملة..

ورغم ذلك كان هناك من تخيلوا أن نقل المباراة كان مجاملة للأهلى حتى لا يلعب المحلة على ملعبه.. وكأن أندية الدورى تلعب كلها الآن فى ملاعبها باستثناء المحلة المضطهد والمظلوم أو كأن إسكندرية هى ملعب الأهلى الطبيعى الذى فرضته الدولة على المحلة.. والآن باتت مهمة الداخلية كرويا أصعب وستزداد صعوبة فى الأيام والمباريات المقبلة إن سمحت الظروف والأخطاء المتتالية باستكمال هذا الدورى أصلا.