«كان فرحُه بعد شهر»!

محمد أمين الجمعة 19-02-2016 21:38

لا يخشى رئيس الوزراء من جنون الدولار بقدر ما يخشى من جنون أمناء الشرطة.. الأول يمكن علاجه.. الثانى سيبقى وجعاً فى جسد الحكومة والنظام.. ولا يخشى وزير الداخلية من الإرهاب بقدر ما يخشى من هؤلاء فى جهازه الأمنى.. حين التقينا شريف إسماعيل كان حديثنا عن الأمن والحرية وحقوق الإنسان.. وحين عُدنا كان سائق التوك توك قد فارق الحياة برصاصة ميرى، من «أمين شرطة»!

ويعرف الوزير مجدى عبدالغفار أن استفزازات الأمناء تجاوزت كل حد.. ويعرف أنه ربما تفرغ ليداوى جراح الجهاز بسبب الأمناء.. هناك قطاع كبير منهم عاد بعد الثورة.. وللأسف كانوا مسجلين خطر.. أو خرجوا «صلاحية» فى قضايا رشوة، أو أى مصيبة أخرى.. الآن عادوا ليُسقطوا الجهاز من جديد.. لكن هذه المرة بسرعة.. وباستخدام سلاح ميرى.. فهل كل من هبّ ودبّ يحمل «السلاح الميرى»؟!

حاول الإعلام كثيراً أن ينزع الفتيل، وأن يُطفئ النار.. كنا نعتبرها مسؤولية وطنية.. ولكن لا يمكن أن تكون المشكلة فى الإعلام، فالإعلام لم يخترع مشكلة.. ولا يمكن أن يكون النشر نوعاً من التضخيم، باعتبارها تجاوزات فردية.. ولا يمكن أن يكون النشر خدمة لأعداء الوطن.. الأصل ألا يكون هناك سلاح ميرى فى يد كل من هبّ ودبّ.. وللأسف يُساء استخدامه، مرة مع طبيب، وأخرى مع «سائق مسكين»!

مهما فعلت الحكومة، لابد أولاً من استئصال هذا الورم.. مسألة الحريات أهم من لقمة العيش.. ليس الإخوان هم من يصنعون الأحداث.. جائز هم من يستغلونها.. النشر لا يعنى التضخيم، ولا يعنى النفخ فى الأزمة.. ثورة الأطباء لم تكن من فراغ.. فما معنى أن يدوس أمين شرطة على رقبة طبيب بالجزمة؟.. وما معنى أن يدوس أمين شرطة على القانون بالجزمة فى قضية «دربكة»؟.. إيه حكاية الجزمة دى؟!

مشهد حصار «أمن القاهرة» لا ينبغى أن يمرّ.. هذه المرة انفض الآلاف.. فمن يضمن ألا ينفضوا مستقبلاً؟.. ومن يضمن ألا تفلت الأمور، أو يندس فيها إرهابى؟.. ربما انفض الحصار، لأن «أهل دربكة» غلابة.. كانوا يبكون فقط، ويقولون إن فرحه كان بعد شهر، وكان يستعد للزواج، وكان لأمين الشرطة رأى آخر، لمجرد أنه طلب حقه، ولمجرد أنه احتج على «الأمين».. لا تتعاملوا بالقطعة مع الأمناء!

«الرصاص الميرى» يخرج الآن لأتفه الأسباب.. الغريب أنه لا يخرج فى مطاردات إرهابيين أو ملاحقة مجرمين.. وإنما يخرج فى مواجهة طبيب تارة أو سائق تارة أخرى.. صحيح أن الإجراءات القانونية لم تتأخر.. لكن الحكاية أصبحت أشبه بالظاهرة.. مهم أن نعالجها.. ومهم أن يكون هناك تفتيش.. ومهم أن تكون هناك متابعة.. هؤلاء الأمناء مخابيل ينبغى أن ننزع من أيديهم السلاح دون تراخ!

الشرطة كانت تقدم شيكولاته للجمهور فى 25 يناير، وتوزّع المياه قبلها فى الانتخابات.. وكنت أقول: لا توزعوا شيكولاته ولا مياهًا معدنية.. انشروا ثقافة حقوق الإنسان، ولا تطلقوا الرصاص على الناس.. وأخيراً، بلاش استفزاز واستعراض عضلات، فلن تسقطوا وحدكم.. مش كل مرة تسلم الجرّة!