يقول العالم آينشتاين: «من الخطأ فعل نفس الشىء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة».. هذه المقولة العلمية المأثورة أتمنى أن تدرك إدارة الأهلى معناها وهى تتصدى لحل مشاكل فريق الكرة والرحيل المفاجئ للمدرب البرتغالى «بيسيرو» قبل أكثر من شهر وعدم الاستقرار على بديل حتى كتابة هذه السطور، مما قد يثبت الوضع الحالى ويضع الإدارة تحت ضغط بقاء الوضع على ما هو عليه إلى أن «يقضى الله أمراً كان مفعولاً».
والمفعول هنا هو تكرار ما حدث فى الموسم الماضى عندما قرر الأهلى الاستغناء عن المدرب الإسبانى «جاريدو» لسوء نتائجه والبحث عن مدرب أجنبى جديد ولكن التردد والخوف من الفشل وبطء البحث والضغط الإعلامى أجبر الإدارة على تغيير منهجها الثابت فى إسناد مهمة الفريق للمدرب الأجنبى بالإبقاء على الكابتن فتحى مبروك مديراً فنياً، وعلاء عبدالصادق مشرفاً على الكرة، ليقع ما وقع ويخرج الأهلى خالى الوفاض من الموسم بلا دورى أو كأس أو أفريقيا، ولولا لطف الله واقتناع الإدارة بأنها اتخذت القرار الخطأ لما فاز الأهلى بكأس السوبر مع المحترم زيزو.
وعلى إدارة الأهلى أو المهندس محمود طاهر، بصفته المشرف من قبل مجلس الإدارة على الكرة، أن يضع فى اعتباره ما يلى:
أولاً: أن المدير الفنى الأجنبى هو الأنسب لهذه المرحلة من عمر فريق الكرة الذى يعاد تكوينه وبناء أساساته حتى يعود للبطولات الكبيرة، وهو لا يحتاج إلى مجرد مدرب يدير المباريات، بل إلى مدير فنى لديه فكرة ورؤية وقدرة على عمل نظام لعب وشخصية فنية للأهلى وتخطيط بدنى وقياس علمى لقدرات اللاعبين لتوظيفهم بالشكل الأمثل، إضافة إلى شخصية قوية ومحايدة ولا تتأثر بالضغط الإعلامى أو بالنجوم وشهرتهم، وتملك السيطرة على الكوكبة من لاعبى الفريق الذين ترتفع الأنا الشخصية لديهم عند أى مشكلة أو استبعاد من التشكيل.
ثانياً: القاعدة الثابتة تقول إن القرار السليم فى الغالب لا يحقق الهدف منه إلا إذا اتخذ فى التوقيت المناسب، وتقديرى أن الآن هو أفضل توقيت لاختيار المدرب، فالفريق مستقر وإدارة الكرة الفنية والإدارية تحت السيطرة الكاملة للكابتن زيزو وسيد وعبدالحفيظ وعظيمة، وهى مجموعة متفاهمة ومتصالحة مع نفسها وقادرة على توفير المناخ المناسب لأى مدرب يأتى فى هذا التوقيت الذى أجبر عليه الأهلى، أضف إلى ذلك أن الأهلى متقدم بسبع نقاط عن أقرب منافسيه فى بطولة الدورى، وهو توقيت ومناخ قد لا يتوفر إذا وقعت هزة فى النتائج، وهو أمر وارد إذا دخل الفريق فى معمعة البطولة الأفريقية وضغط المباريات المحلية والأفريقية.
ثالثاً: بقدر تفهمى لاعتذار بعض المدربين الأجانب للتدريب فى مصر، بسبب الظروف الأمنية، إلا أن الكرة لا تقف عند ثلاثة أو أربعة مدربين، خاصة أن منهم من يغامر ويذهب للتدريب فى أدغال أفريقيا الأكثر خطورة أمنياً وصحياً عن مصر، أما التردد والحرص المبالغ فيه خوفاً من فشل المدرب الأجنبى فهذه فرضية فيها رجم بالغيب ولا يجب الالتفات لها طالما جاء الاختيار بناءً على معايير سليمة، وعن نفسى فإننى على قناعة بأن إدارة الأهلى لم تفشل فى اختياراتها السابقة حتى مع جاريدو نفسه، فالمدرب كان جيدا ولكن إدارة الكرة هى التى لم تساعده وتقف إلى جواره على عكس الحال مع بسيرو، الذى وجد الدعم والرعاية من سيد عبدالحفيظ.
فى هذا السياق، لم أفهم تصريح الكابتن زيزو، الذى ربما جاء بالاتفاق مع رئيس النادى، عن أن الإدارة تسير فى اتجاهين، الإبقاء عليه لنهاية الموسم وفى نفس الوقت البحث عن مدرب أجنبى للموسم الجديد، فهو كلام غير منطقى، فلا يوجد مدرب محترم سيجلس إلى جوارك لمدة ستة أشهر اللهم إلا إذا كنت ستدفع له راتبه من الآن، كما أن هذا التصريح قد يهز صورة الإدارة ويثير البلبلة إذا ما أعلن الأهلى التعاقد مع مدربه الجديد بعد أيام أو قبل انتهاء المدة.
■ ■ ■ ■
رغم اختلافى معه شكلاً وموضوعاً إلا أن موقف رئيس نادى الزمالك تجاه المغالين فى الهجوم على فريق الكرة والمستهزئين بلاعبيه والساخرين من خسارته أمام الأهلى كان طيباً، وإن اختلفت مع الأسلوب وطريقة الرد، فإذا كان من حقك أن تنتقد فنياً وإدارياً فليس من حقك أن تسخر وتستهزئ وتقتل معنويات الفريق وجماهيره طالما أنك اشتريت منى منتجى ومبارياتى لعرضها على قناتك التليفزيونية، وهذه نقطة تفوت على الإدارات وهى تبرم عقودها، فالاستوديوهات التحليلية للتحليل وليس للاستهزاء أو الانتقام أو لتصفية الحسابات، واختيار القناة التى تعرض منتجى أمر مهم وحق أصيل، بدليل أننا نرفض بيع الدورى لقناة الجزيرة الرياضية (بى.إن.سبورت) رغم أنها تقدم عرضا ماليا أضخم، ولكن الموقف السياسى للأندية والرياضة المصرية من الحكومة القطرية المالكة للقناة يحول دون القبول، وعلى النقيض أرى إدارة الأهلى متهاونة فى حقها مع شركة «بريزينتيشن» المالكة لحقوق إذاعة الدورى ولحقوق الاستوديوهات التحليلية لقناة النيل للرياضة، حيث ذهبت الشركة للتعاقد مع لاعب كرة أهلاوى سخر نفسه وبرامجه للهجوم على الأهلى والانتقاص منه وتصفية حساباته، وإذاعة أكاذيب واختلاق مشاكل وبث الفتنة، وإحباط الجماهير والتحريض عليها وعلى إدارة النادى، وإذا كان من حقه التعبير عن كراهيته وحقده كما يشاء فإن من واجب إدارة الأهلى أن تفسخ عقد البيع، فالخسارة المادية هنا أهون بكثير من الخسائر المعنوية والنفسية، وتحفظ فريق الكرة واللاعبين والجماهير والإدارة من السموم التى يبثها هذا اللاعب خلال إذاعته أو تحليله لمباريات الفريق فى قناة النيل للرياضة، ولا أعلم لماذا لا تقتدى إدارة الأهلى بما فعله رئيس الزمالك، خاصة أن نائب رئيس الأهلى، الدكتور أحمد سعيد، والذى يرتبط بعلاقة وطيدة مع هذا اللاعب، لم يعد موجوداً فى المجلس، وأن بعض أعضاء المجموعة التى تدافع عنه وتسرب له المعلومات اتخذت موقفاً ورفضت التعيين «حرصاً على مبادئ الأهلى»- كما قالوا.
■ ■ ■ ■
وبمناسبة شركة بريزينتيشن التى استسلم رئيسها أو المتصدر الصورة لملاكها «محمد كامل» لتهديد رئيس الزمالك، والذى حقق مكسباً كبيراً لناديه، ليس فقط بإيقاف الهجوم على فريق الكرة ولاعبيه، ولكن بالحصول على ميزات مادية جديدة من الشركة التى ستساهم بـ٢٥ ألف دولار شهرياً فى راتب المدرب الأجنبى الجديد للزمالك، أى ما يقرب من ٣ ملايين جنيه سنوياً بعد زيادة سعر صرف الجنيه.. هكذا أعلن رئيس الزمالك وصدّق عليه رئيس شركة بريزينتشن، الذى ادعى أنه رغم أهلاويته سيدفع هذا المبلغ من «ماله الخاص»، دعماً لفريق الزمالك، وإذا كنت أقدر روح التسامح والمحبة من أهلاوى فى دعم فريق الزمالك، فإننى لا أتفهم عدم مساعدة شركة بريزينتيشن ورئيسها لباقى الأندية، وهذه ليست منّة أو صدقة من جيب شخصى أو رجل إحسان، بل إعادة لبعض الحقوق التى سلبتها الشركة من الأندية عندما اشترت الحقوق بسعر بخس.. حيث إن إجمالى ما اشترت به الحقوق من ١٦ نادياً أغلبه البث والرعاية، وثلاثة منها البث فقط بلغ ١٢٠ مليون جنيه إذا أضفنا عليه ٣٠ مليون جنيه نظير حقوق البث والإنتاج للمباريات تدفع للتليفزيون المصرى يكون إجمالى مصاريف الشركة (١٥٠ مليون جنيه)، فى حين باعت حقوق البث وحدها لشركة «بروموميديا» مقابل ١١٥ مليون جنيه، فإذا أضفنا إليها بيع حقوق الرعاية وإعلانات الملاعب نحو ٦٠ مليون جنيه على أقل تقدير، فإنها تكون ربحت هذا الموسم ما يقرب من ١٢٥ مليون جنيه، وهو رقم لا تكسبه تجارة الممنوعات، ولا يمكن أن يربحه أى تاجر أو شركة فى العالم، ولكن طالما أن القانون المصرى يسمح بذلك فإن ما لا يسمح به أن تبيع الأندية حقوقها بهذا الثمن البخس، ثم تشكو ضيق ذات اليد وتعجز عن الوفاء بمستحقات لاعبيها وأجهزتها الفنية ولا تتدخل الجهات الرقابية، متمثلة فى وزارة الشباب والرياضة، لتحاسبها وتراجعها.