الطالب المعجزة والعَوْرة القومية

مصباح قطب الخميس 18-02-2016 21:42

كشفت واقعة الفوز المزعوم للطالب السوهاجى بالجائزة العالمية للقرآن الكريم، والتى تنظمها ماليزيا، ما كان ينتظر «نفخة» صغيرة لينكشف على هذا النحو المُريع.. ألا وهو أن «الهرتلة» سيدة الموقف فى كل المؤسسات الرسمية والأهلية.

لا أتحدث عن الاستغراق المُخزى لـ«الميديا» فى أمور عبثية فى بلد يدعو فيه كل الناس، بما فى ذلك أهل الميديا العدمية هذه، رئيس الدولة إلى إدارة الاقتصاد المصرى كاقتصاد حرب، نظرا للتحديات المخيفة المحدقة بالاقتصاد والشعب والبلد، ولكن أتحدث عما كشفته الواقعة من هشاشة مخيفة فى بنية عقل وأجهزة الدولة المصرية، التى تتم دعوتنا- وعن حق- للدفاع عن وجودها. فَكَّرتنى القصة بـ«بوست» يقول: «اللى بيقولوا البلد رايحة فى ستين... ما خلاص راحت بس بتدوَّر على رَكنة».

حال دولتنا الذى تَبَدَّى يثير طمع- ليس فحسب أجهزة مخابرات أجنبية أو تركية أو عربية- ولكنه يفتح شهية أى مخبر أجنبى أو محلى يعمل لحساب الأجانب ليلاعب الدولة المصرية ما دام هذا حالها، وأيضاً شهية أى فرد يريد أن يتسلى و«يخليهم يتسلوا». إعلان الفوز الوهمى كشف غيبوبة سفارتنا فى دولة ماليزيا وإدارة الأزهر- الذى استقبل الطالب- ووزارة الأوقاف التى يُفترض أن تكون على بيِّنة، وكذا محافظة سوهاج، بل أهل سوهاج الطيبين- الجوعى مثلنا إلى انتصار- فقد كانوا ضحايا بلهنية الإعلام والأجهزة ومشاركين كذلك فى الهزلية المتفردة، حيث قاموا باستقبال الطالب استقبالا أسطوريا، «ولا جمال عبدالناصر فى دمشق»، فخرا بما أنجزه.

أوضحت الواقعة أن حالنا جعل طالبا بسيطا ليست له أى سوابق يتجرأ فجأة ويلاعب البلد بصنعة لطافة مذهلة، بعد أن وجد أن العملية هايصة لتقمصه بسلاسة شخصية الفائز فى مسابقة لم يشترك فيها أصلا وعاش الدور. بدأت اللعبة على يدى سيدة لها صفحة على الفيس، لكن الطالب قال لنفسه- كما أظن- «يا واد نكملها، ما شوقى القناوى قال: ولا حد عارف ودارى إيه اللى جارى فى بلدنا، وممكن ناخد لنا رزق من هنا أو هناك، وربك العاطى». وقد نجح. أجهزة أجنبية «علِّمت علينا» فى سقوط الطائرة فى شرم الشيخ وقتل جوليو الطليانى، وقلنا هذه أجهزة من طبيعتها إدارة جرائم شديدة التعقيد ولا تترك أثرا، لكن ماذا عن الطالب البسيط؟ محدش قادر يا بلد يدوس على زرار كمبيوتر ويعرف النتيجة من ماليزيا أو سفارتنا أو الخواجة جوجل؟!

لم يبذل أى إعلامى أو معد ما يلزم لتدقيق معلومة السيدة الفيسبوكية، «إلا إذا كانت نشرت الخبر قاصدة ومتفقة مع المعدين أو غيرهم»؟! بل حوَّلها البعض منهم إلى محكمة عظمى يتهم فيها الدولة بالتحيز لأهل الهند والرنك والرقص وإهمال المواهب القرآنية الشابة. تم إجراء «توكشوهات» مع الطالب دون أى أسئلة جادة لكشف أدلة إثبات دخول المسابقة والفوز بها! أين العقل قبل أن أقول أين المهنية؟

محافظ سوهاج قابل الطالب وهنأه. وكيل برلمان كذلك. الأزهر. ووصل الأمر إلى تحديد مقابلة له برئاسة الجمهورية كقول الطالب. فقط

انكشف الأمر عندما شك وكيل الأزهر فى كلام الطالب خلال مقابلته، فطلب من مكتبه الاتصال بسفارة ماليزيا بالقاهرة، والتى ألقت بقنبلة فى وجه مصر كلها شعبا وإعلاما ومؤسسات، وهى أن الخبر عار تماما عن الصحة، وكان لابد للقصة من حبكة تليق بالإمبراطور الرومانى العارى وبنا، ولذا تبين أن الطالب بلا جواز سفر ولم يغادر مصر؟. مرسحية لو سار فيها شارلى شابلن، ملك الكوميديا، لسار بترجمان.