قالت صحيفة «نيورك تايمز» الأمريكية إن محكمة فيدرالية أمريكية أصدرت، مساء الثلاثاء، أمراً لشركة «آبل» تطالبها فيه بمساعدة وكالة «إف بي آي» لفك شفرة هاتف «آي فون» استخدمه أحد منفذي هجوم «سان بيرناردينو» بولاية كاليفورينا الذي أسفر عن مقتل 14 شخصاً في ديسمبر 2015.
جاء رد «آبل» قوياً، في صباح الأربعاء، عندما نشرت خطاباً، وصفته صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه «شديد اللهجة»، قالت فيه الشركة إنها «ستعارض طلب المحكمة». وتحاول شركات التكنولوجيا في الآونة الأخيرة التصدي لمثل تلك الطلبات الحكومية لكن رد «آبل» يعد الأقوى حتى الآن.
وتشرح الصحيفة من خلال عدد من الخبراء القانونيين والتكنولوجيين دوافع خطاب «آبل» وأسباب رفضها مساعدة «إف بي آي»:
* ماذا طلبت الحكومة من شركة «آبل»؟
- يريد مكتب المباحث الفيدرالية «إف بي آي» أن يفحص هاتف «آي فون» استخدمه «سيد فاروق»، أحد منفذي هجوم «سان بيرناردينو»، لمعرفة هل خطط «فاروق» وزوجته «تاشفين مالك» للهجوم بالتنسيق المباشر مع تنظيم الدولة الإسلامية. تريد «إف بي آي» من «آبل» أن تساعدها في التحايل وتجاوز الكود السري الذي استخدمه منفذ الهجوم لتأمين بيانات هاتفه «آي فون سي 5». هذا يعني أن «آبل» سيكون مطلوباً منها تجهيز نسخة جديدة من نظام تشغيل هواتفها «IOS» تسمح للمباحث الفيدرالية أن تتجاوز بعض القيود التي تضعها «آبل» على هواتفها. وتدعى الشركة أن تعديلاً كهذا يمكن أن يتيح «فك شفرة أي هاتف (آي فون) حتى أثناء وجوده مع صاحبه».
* وماذا طلبت المحكمة من «آبل»؟
- أمرت المحكمة شركة «آبل» أن تتيح للمباحث الفيدرالية «التحايل أو إيقاف عمل» خاصية مهمة في هواتف «آبل» التي تقوم تلقائياً بمسح جميع البيانات الموجودة على الهاتف بعد 10 محاولات خاطئة لإدخال كلمة المرور.
فنياً، هذا لا يتطلب من «آبل» أن تفك شفرة الهاتف الذي يمنع الدخلاء من الولوج إلى هواتف «آي فون». المطلوب من «آبل» أن تتيح للحكومة أن تجرب عدداً غير محدود من كلمات المرور دون أي يتسبب ذلك في محو بيانات الهاتف.
ويسمى ذلك في عالم الأمان الرقمي بهجمات «الولوج للهواتف بالقوة»، وكل ما تحتاجه الكثير من الوقت والصبر بحيث يتم إدخال عدد كبير من كلمات المرور. وتنفذ تلك الهجمات باستخدام أجهزة حاسب فائقة القوة التي يمكنها إدخال الملايين من كلمات المرور المختلفة حتى تصل إلى كلمة المرور الصحيحة.
* هل يمكن لـ«آبل» أن تنفذ ما طلبته المحكمة؟
- موقف «أبل» المعارض لطلب المحكمة، في الغالب، قائم على موقف أيدولوجي للشركة. يبدو ذلك واضحاً في كلمات الرئيس التنفيذي لشركة «آبل» «تيموثي كوك»، الذي قال: «بات مطلوباً، وبشكل مثير للسخرية، من المهندسين الذين صمموا نظام تشفير قوي لهواتف (آي فون) أن يضعفوا هذا النظام ويجعلوا مستخدمينا في وضع أقل أمناً».
وتقول الشركة إن نظام التشغيل الذي تطلب منا «إف بي آي» أن ننفذه لها غير موجود بالأساس، لكن خبراء في مجال التكنولوجيا يقولون إن الشركة يمكنها فعل ذلك.
* لماذا لا يمكن أن تصمم «إف بي آي» هذا النظام بنفسها؟
- صممت هواتف «آي فون» كي تعمل وفقا لنظام تشغيل «IOS»، وهو نظام صممته «آبل» لهواتفها. ولكي يتعرف هاتف «آي فون» على نظام التشغيل الذي صممته «آبل»، فإن الشركة عليها إدخال شفرة معينة بدونها لن يتعرف الهاتف على نظام التشغيل. لذا إذا قررت «إف بي آي» تصميم نظام تشغيل مشابه لنظام تشغيل «آبل» فإنه سيظل في حاجه إلى شفرة «آبل».
وتقول «إف بي آي» إن طلبها سيكون لمرة واحدة، وتريد من «آبل» تصميم نظام تشغيل فقط من أجل الولوج إلى هاتف «فاروق» منفذ الهجوم، وليس السماح لها بالولوج إلى كل هواتف «آي فون» في كل مكان.
* هل هناك وسيلة أخرى يمكن لـ«إف بي آي» أن تحصل بها على المعلومات؟
- هناك العديد من البيانات المتاحة التي لا تتطلب مساعدة من «آبل». يمكن للمباحث الفيدرالية أن تطلب مثلا من شركة «فيرزون»، مقدمة خدمة الهاتف المحمول لمنفذ الهجوم. ويمكن أيضا للحكومة أن تطلب معلومات من مصممي تطبيقات الهاتف التي كان يستخدمها منفذ الهجوم.
بالتأكيد سلكت «إف بي آي» تلك الطرق للحصول على المعلومات، لكنها تحتاج مساعدة «آبل» لأن هناك معلومات ستبقى محجوبة إذا لم تتدخل الشركة لكشفها.
* هل هناك أي آثار قانونية على صناعة التكنولوجيا؟
- ما يثير قلق «آبل» أن أي موافقة على هذا الطلب سيفتح الطريق أمام طلبات مشابهة في المستقبل. والشركة لا تريد أن تقبل بهذا الطلب كي لا تمهد الطريق أمام هذا النوع من الطلبات التي قد تتلقاها وغيرها من شركات التكنولوجيا الأخرى.
يمكن أيضا لدول أخرى مثل الصين أن تطلب أموراً مشابهة. ويقول خبير التكنولوجيا «كريستوفر سوجويان» لدى اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، إن «السؤال الأساسي هنا إلى أي مدى يمكن للحكومة أن تجبر طرفاً ثالثاً على مساعدتها في رقابة الآخرين».
ومن المقرر أن تستأنف «آبل» قرار المحكمة خلال الأيام القليلة المقبلة.