محمد وبطرس

نيوتن الأربعاء 17-02-2016 21:38

فقدنا اثنين فى 24 ساعة. عَلَمين من أعلام مصر. قامتين لا يقلان ارتفاعاً عن برج القاهرة. ولا يقلان شموخاً عن أهرامات الجيزة. هما الأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور بطرس غالى. الاثنان لا يفصلهما عن بعضهما فى العمر سوى 6 أشهر. لصالح الأخير الذى تبوأ أرفع منصب دولى. الأمين العام للأمم المتحدة. كما أن هيكل طالما فضل تعريف نفسه بـ«الجورنالجى». وما من شك أنه وصل إلى القمة. بجهده واجتهاده وثقافته الرفيعة. وهو أعلى قامة صحفية ليس على المستوى العربى فحسب بل على المستوى العالمى. كان دائماً مشتبكاً. مع الماضى والحاضر والمستقبل. اتَّسم أسلوبه ككاتب بالعمق والبساطة فى الوقت ذاته. وليس هناك أقوى من شهادة نجيب محفوظ فيه عندما قال: «لو أن هيكل كان أديباً، ماكنش لينا أكل عيش فى البلد دى».

أما عن الدكتور بطرس. سليل عائلة أنجبت أبرز وأهم وزراء فى مصر. فقد لعب دوراً قوياً فى مفاوضات الصلح بين مصر وإسرائيل. ورافق السادات فى زيارته الشجاعة لإسرائيل. وهو مَن فضح إسرائيل وجرائمها فى جنوب لبنان. اتَّسمت مواقفه بالشجاعة. ولم تَخُنْه حكمته يوماًَ فى إدارة أصعب المواقف. وقف ضد أمريكا من منطلق إنسانى. استخدمت الفيتو ضده. وقالت مادلين أولبرايت عنه: «بطرس صعب المراس وعنيد».

الاثنان قبس من روح مصر. محمد وبطرس. من العصر الذهبى. الذى عرفته قبل 52. عاشا متوهجين. كنجمين ساطعين. فى سماء المحروسة. اليوم يُغيِّبهما الموت معاً. الغريب أن ننعى الاثنين فى نفس العمود وفى نفس اليوم.

يشرفنا أنهما مصريان. رحيلهما خسارة كبيرة. لكن عزاء مصر أن المواهب لا تغيب عنها. دائما حاضرة. متجددة. مواهب صحفية. أدبية. فنية وثقافية. رجال أعمال. علماء. كل هؤلاء أضافوا لوطنهم. وعطاؤهم ممتد ومستمر. حتى وإن بخلنا عليهم بالاعتراف. وتجاهلناهم بالنكران. وعدم التكريم.