يا رئيس الحكومة لا تؤلمنا ولا نؤلمك

عبد الناصر سلامة الأربعاء 17-02-2016 21:40

أعتقد أن غالبية الشعب المصرى لا يعرفون اسم رئيس الحكومة، هو لا ينزل الشارع كما كان يفعل المهندس إبراهيم محلب، هو لا يهتم بالمحافظات كما كان يفعل محلب، هو ليس فاعلاً فى أى منظومة خبز، أو غاز، أو حتى مجارى، كما كان محلب، لذا فإنه لو كان اعتلى هذا المنصب منذ البداية، أى بدلاً من إبراهيم محلب، لما كانت الشوارع قد تطهرت من الباعة الجائلين، أو الإشغالات، ولا كان هناك أى تغير من أى نوع فى أى من المجالات المتعلقة بحياة المواطن اليومية، نظراً لأن الرجل لا حس ولا خبر حتى الآن، دائما أُبرر لنفسى بأنه يمكن أن يكون فى حالة دراسة للموقف، قد تكون طالت معه بعض الشىء.

يُذكرنى هذا الرجل بواقعة غريبة قبل سنوات طويلة، كان هناك أحد محافظى الدقهلية، التى أنتمى إليها، وكان قد مضى على تعيينه نحو عامين، ولا يوجد إنجاز من أى نوع، فسألت صديقى المهندس مصطفى السعدنى، وكيل وزارة الثقافة هناك وقتها، عن رأيه فى هذه الحالة، فأجاب قائلاً وبكل جدية: إن سيادة المحافظ يقوم بدراسة أحوال المحافظة فى أول عامين، هذه هى خطته، ورغم دهشتى إلا أنى صدقته، فوجدته يسترسل قائلاً: أما العامان التاليان فإن سيادته سوف يضع خلالهما خطة المواجهة مع المشاكل القائمة، فبادرته قائلاً: أى أنه لن يبدأ التنفيذ أو العمل قبل أربع سنوات، فكانت الإجابة الصادمة: «ماهو هايكون اتغير وجه واحد تانى».

ربما كانت هذه خطة رئيس الوزراء: استهلاك الوقت حتى يأتى آخر، فمنذ البداية قالوا إنها حكومة مؤقتة، أو حكومة تسيير أعمال، نظراً لأن انتخابات البرلمان كانت قد أصبحت وشيكة، وبالتالى من الطبيعى أن يتم تغيير الحكومة، قلنا ربما هو يجيد فى تخصصه فقط، أى فى البترول، كيف ذلك وكل الأنباء الواردة عن هذا القطاع غير مبشرة على الإطلاق، بالتأكيد نحن لا نتحدث عن أسعار البترول، نحن نتحدث عن خسائر هذا القطاع، عن توصيات الجهات الرقابية بضم العديد من الشركات، نتحدث عن الفساد الذى طالها أعواماً عديدة، نتحدث عن التخمة فى موظفيها دون أى إعادة هيكلة، حيث المحاسيب من جهة، والمحالون للتقاعد من الجماعة إياهم، من جهة أخرى.

إذا كانت كل الأنباء تتحدث عن اقتصاد مهترئ فى عهد ذلك الرجل، وإذا كانت العُملة المحلية قد تدهورت أيما تدهور فى عهده أيضاً، وإذا كانت الأزمات الفئوية قد بدأت تتفاقم فى عهده كذلك، أضف إلى ذلك صراع المؤسسات والمهن والأشخاص، وغير ذلك من الأزمات غير المنظورة، التى تفاقمت حدتها بهذا الشكل، إذا كان الأمر كذلك فنحن نريد إجابة عن سؤال واحد من بين هذه الأسئلة: ماذا يفعل ذلك الرجل، أو ماذا تفعل حكومته، لماذا رغم ذلك الفشل الواضح هم مستمرون حتى الآن، ولماذا لا يغادر وتغادر معه حكومته طواعية، دون قرار فوقى، فى مبادرة اعتراف بالفشل؟!

الغريب فى الأمر حينما نجده يبشرنا الآن بما يسميه قرارات أو إجراءات مؤلمة، ولماذا يفكر فيها أصلاً مادام يدرك أنها مؤلمة، هل لأنه يرى أن الشعب ينقصه إيلام من أى نوع، أم أنه حمل على عاتقه إيلام الشعب، وكيف لا يرى أن الشعب فى حاجة إلى قرارات تُسعده، وكيف لا يرى أن الشعب قد نسى الفرح والسرور والسعادة منذ زمن طويل، وهو فى حاجة إلى تغيير، ومن الذى منحه سلطة إيلام الناس إلى هذا الحد الذى يتم التمهيد له؟!

حسب معلوماتنا، فإن أى تكليف برئاسة الحكومة يكون بتعليمات رئاسية، أو ملكية، أو أميرية، تستهدف فى النهاية راحة الناس، أو راحة الشعوب، إلا أنه بدا أن الأمر لدينا مختلف، رئيس وزراء لا نعرف شكله، لا نعرف اسمه، لم تظهر له ولا عليه أى كرامات من أى نوع، فجأة يظهر علينا بإجراءات مؤلمة، أو هكذا يبشرنا، لا يا سيادة رئيس الوزراء، فلتظل صامتاً أفضل، لا تؤلمنا ولا نؤلمك، استمر كما أنت بدون أى كرامات، حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً، وتنقشع هذه الغُمة، أو لترحل غير مأسوف عليك.

لا يجوز بأى حال أيها السادة أن يكون منصب رئيس الوزراء فى أى بلد بمثابة رد جميل، ولا يجوز أن يكون سد خانة، أو سد فراغ، وليكن ما يكون، وليذهب الشعب إلى الجحيم، ما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بوطن كهذا، وفى ظروف كهذه، ما بالنا إذا كنا نتحدث عن وطن على شفا الهاوية، فى حاجة إلى إنقاذ، ومواطنين فى حاجة إلى من يخفف عنهم، فإذا بهم أمام مرارة وألم، دون أى حافز للتفاؤل والأمل.