دول تُجبر مواطنيها على دخول الجنة

نادين البدير الإثنين 15-02-2016 21:28

شئت أم أبيت.

رغماً عن أنفك ستدخل الجنة.

لا مجال أمامك للاختيار.

أن تكون مسيراً أو مخيراً (وهو أمر اختلف فيه المعتزلة والأشاعرة والقدرية والمرجئة والمذاهب الأربعة والجعفرية) كلام لا تفهمه السلطات التي تحكم شعوبها باسم صكوك الغفران.

هنا. تحبك السلطة لدرجة لا تطاق.

تقلق عليك الدولة وأنت في الأربعين أو الستين كخوف أمك عليك حين تأخرت ذات ليلة وسهرت أيام صباك.

حتى لحظة الحساب. اطمئن. ستحاسب السلطة بدلاً عنك.

السلطة أم حنون لكنها لا ترحم.

الويل، لو تسول لك نفسك فتمضى الليل تتأمل خلق الله.

نم مبكراً ثم استيقظ واذهب لعملك وقم بالواجبات الدينية المفروضة عليك قسرا باسم الشيخ (ابن الأولين).

وابن فلان هذا، شخص قد مر على مكاننا المنكوب قبل عقود وعقود، ولم يدر بخلده أن مجموعات من الأغبياء والسذج (نحن) ستخلفه وتتقاتل فيما بينها بسبب آرائه أو شطحاته أو أخطائه أو علمه المكين.

أمر آخر.

ستصنفك الدولة. فتفرض عليك مذهبها.

يجب أن يكون لك مذهب أو طائفة ترفعك (قد قيل سابقاً إننا قبائل برايات مميزة.. نحن الآن طوائف برايات غير مميزة). لا يعقل أن يكون ابن هذه الدولة المنزهة عن الخطأ متساوياً مع الآخرين خارج حدودها. إنها عظمة الانتماء لشريعتها. أنت فرد مختلف، ليس باكتشافك أو اختراعك. إذ لا تهتم حكومتك بمدى ما تضيفه للبشرية. ما يطبعك بختم التفرد هو أنك ابن بار مطيع لهذه الأم التي تعتنى بك كرضيع لا يقوى على الحركة (لأن العثة تفقس بين الإنسان وثوب النوم وزوجته وتحدد صنف المولود).. ممنوع أنت من اقتراف الذنب بأمر سياسى موثق بحبر دينى أحمر.

لا تتهور. أي عاقل مكانك سيتعامل بحكمة ويعلن الولاء لطائفة الدولة التي يتبعها.

فالدولة من الطائفة «أ» تهرطق كل أتباع الطائفة «ب» ولو كانوا من أبنائها وذات الشىء تفعله الدولة من الطائفة «ب» بأبناء الطائفة «أ».

كل العالم يصرخ أنتم عالة علينا. بطوائفكم. بحروبكم. برائحة عفن أدمغتكم المتحللة. وآذاننا تعلمت وبرعت في أن تكون صماء.

كل من الضفتين تجهد بإقناع مواطنيها ليل نهار بوسائل الإعلام والتلفاز ودور العبادة واللافتات ومكبرات الصوت بكل خندق وشارع، أن مذهبها هو المنقذ الذي سيقيهم لهيب جهنم ساعة الحساب.

في مثل هذه الدول، تخصص الموارد والأموال ويجند الاقتصاد في عمليات البحث عن مزيد من الخنوع والتبعية بدلاً من البحث العلمى والتطوير.

ماذا عن بقية العالم؟

إنه غير موجود. منحل. وبقاؤه مؤقت.

ماذا عن مصير العالم؟

لهم الدنيا ولنا الآخرة. هكذا تقص السلطة على أبنائها حكايات ما قبل النوم.

يحيا العالم الكافر في النعيم الدنيوى فقط. الأنهار، البحار، المروج وجمال الطبيعة والإنسان كلها نعم ستزول منهم بمجرد بدء الآخرة فتنتقل ملكيتها لنا.

أما منجزاتهم العلمية وثوراتهم الصناعية والطبية والفضائية فقد ألهمهم بها الله لخدمة المسلمين.

البشر الماجن سيدخل النار. وحده الإنسان المنكوب هنا سيلج الجنات.

هذا جزء مما علمتنا إياه المدارس. ثم نتبجح بالسؤال عن البيئة الخصبة التي أنشأت الإرهاب. ولماذا الإنسان العربى غير منتج؟

لا ينتج لأنه متقاعس. جنسى ينتظر الحور العين. خامل يحلم في الخلود وسط كل المحرمات التي يتمتع بها الغربى.

ماذا لو أنك رفضت الانصياع.

ماذا لو أردت لعلاقتك مع الله أن تكون شأناً خاصاً بك لا يشاركك فيه إنسان.

ماذا لو مارست إنسانيتك وقررت أن تخطئ (وفق مفهوم السلطة للخطأ).

في هذه الحالة. تخرج عليك السكاكين. يخرج الرعاع. المكان ملىء بأنواع متطابقة من كائنات عظمية أجسادها مغطاة بجلد عجوز كريه تجاعيده عمرها مئات من السنين، كائنات تحمل معاول تهدم أي نهضة. النهضة عدو الجنة.

خط واحد يسير عليه شعب بأكمله في صلاته ونسكه وحجابه وسيره وعمله. وقائمة محددة من الجنسيات سيتنعم حملتها بالفردوس. أما من لا يملك الجواز الذهبى فمصيره النار والوقود.

أين يمكنكم إيجاد مثل هذه المعادلة القبيحة سوى بدساتير عالمنا الإسلامى، العربى، الدموى، الرجعى.

لم تعد التسمية تهم.

■ النبى محمد وهو حامل الرسالة لم يتمكن من هداية عمه أبى طالب للإسلام.

«إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء».

nadinealbdear@gmail.com