السيسي في حوار حصري لمجلة «جون أفريك»: مصير العالم يدور في مصر (نص كامل)

كتب: ناريمان عبد الكريم الإثنين 15-02-2016 14:41

أجرت مجلة «جون أفريك» الفرنسية حوارًا حصريًا مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتصدرت صورته غلاف العدد الصادر في 14 فبراير بعنوان «مصير العالم يدور في مصر».

وأجرى الحوار الصحفيان لورون دو سان بيريه وفرانسوا سودان، وتناول الحوار قضايا الإرهاب والتدخل العسكري في ليبيا، والأحكام القضائية في مصر، وبشار الأسد وحقوق الإنسان، والإخوان المسلمين، وأجاب السيسي عن جميع الأسئلة.

حوار السيسي

بدأت المجلة حوارها مع السيسي حول دور مصر في أفريقيا، وقال السيسي إن مصر تسترد دورها في قارة أفريقيا، بعد غياب دورها على مدى عقدين، وعلاقاتنا مع أفريقيا وثيقة وتاريخية، وإن مصر تستطيع العودة لأفريقيا بقوة، ويجب أن تعود لما كانت عليه سابقًا، وأن تصبح أحد الأعمدة القوية والمهمة للفعل الأفريقي المشترك، وأننا نترجم تلك الأقوال لأفعال، ببناء منطقة تبادل حرة مع 3 كتل أفريقية اقتصادية، والتي تم توقيعها في شرم الشيخ في 15 يونيو 2015، والمنتدى الأفريقي المزمع عقده خلال الشهر الحالي لتفعيل سياسات التعاون والتبادل مع إخواننا الأفارقة.

وحول ترشيح مصر في يناير في مجلس السلام ومجلس الأمن بالاتحاد الأفريقي والدور الذي يمكن أن تلعبه، قال السيسي إن مصر ستكثف جهودها للتعاون مع شركائها لمكافحة التطرف والإرهاب، ولكن الأمر يحتاج لجهود عالمية، وأن العالم بحاجة لاستراتيجية عالمية.

وقال السيسي حول التدخل العسكري لحلف الناتو ضد داعش في ليبيا، إن الوضع الفوضوي في ليبيا ممتد ومستمر، وأنه أينما وُجد التطرف واستوطن دون مقاومته بشكل فعال فإن الوضع يزداد سوءًا.

وتساءل «السيسي» لماذا نلجأ لحلف الناتو دون اللجوء لكل الحلول الداخلية في ليبيا؟ وهل سيساعد الجيش الليبي في ذلك؟ وهل يمكن رفع الحظر على الأسلحة في ليبيا حتى يتمكن الجيش من امتلاك الوسائل لفرض سلطات الدولة؟ وكانت إجابته على الأسئلة السابقة بالنفي.

وأضاف أنه منذ سنتين أكد أهمية مساعدة الجيش اللبيي، وأنه لولا ذلك لاختلف الوضع تمامًا.

وردًا على تدخل مصر عسكريًا في ليبيا ضد داعش، وعن مدى جاهزية مصر لذلك، قال السيسي إن مصر فعلت ما يجب لمنع المقاتلين المتطرفين من سوريا والعراق لدخول ليبيا، وأنه يجب الوصول لحلول لتجفيف منابع تمويل ودعم الإرهاب، وأن تصويت مجلس الأمن على قرار فيما يخص ذلك سيحسن الوضع.

وتابع أنه لا يمكن التدخل عسكريًا في ليبيا طالما لم نفحص كل الحلول الممكنة.

وأكد «السيسي» أن الجيش الليبي الوطني بقيادة خليفة حفتر، وأن الحكومة الشرعية هي تلك الموجودة في طبرق.

وقال «السيسي» إن القوتين المتنافستين في ليبيا والتفاوض بينهما هو أمر داخلي.

وأضاف «السيسي» أنه بعد تدخل حلف الناتو في ليبيا وإسقاط نظام القذافي، تًرك الشعب الليبي وحيدًا، رهينة للعصابات المسلحة والمتطرفين، وأنه كان يجب بعد ذلك استرداد مؤسسات الدولة ودعم الجيش، وولكن ذلك لم يحدث.

وحول التهديدات الإرهابية في المنطقة، قال السيسي إن لديه قلقا كبيرا، وإن الرئيس الفرنسي والأوروبيين متفقين معه أنه بدون فعل فإن هذا الخطر سيمتد دون شك، وأنه بالفعل يمتد.

وتابع أن هناك تحالفا دوليا تشارك فيه مصر لمقاومة الإرهاب في العراق وسوريا، ولكن النتائج لم تكن على المستوى، وأن التعامل يتم حالة بحالة، وضربة وضربة، وهذا ليس كافيا، وأعرب عن ندمه لذلك.

وتعليقًا على الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا، وما قاله سابقًا أن فرنسا أخيرًا ستفهم خطورة الوضع، قال السيسي إننا نحب الشعب الفرنسي، ولم نتمنى حدوث ذلك بتلك الطريقة، ولكننا حذرنا أصدقاءنا منذ عامين من وصول المقاتلين من سوريا والعراق عاجلًا أم آجلًا في أوطانهم لتنفيذ هجمات إرهابية.

وأضاف أن الإرهاب يستهدفنا جميعًا، لذا يجب أن نتحد جميعًا لمواجهة ذلك الخطر، وأن الرد لابد أن يكون أمنيًا، كما يجب أن يتضمن الحل العمل على التنمية والتعليم والخطاب الديني.

وحول الوضع في سوريا، قال السيسي إن مصر دائمًا لديها موقف ثابت حيال سوريا، وتنادي بالحل السلمي لحل الصراع، وإنها دافعت دائمًا عن وحدة الأقاليم في سوريا، ووقفت ضد انهيار المؤسسات، وتساءل حول إمكانية إعادة بناء تلك الدولة ومن سيقوم بذلك، وقال إن الأمر يحتاج لمئات المليارات، وإنه لا يجب ترك الجماعات المسلحة تسيطر على سوريا وتهدد المنطقة بأكملها.

وتعليقًا على بشار الأسد، قال إنه لا يريد أن يشخصن الأزمة، وإن الأزمة أُهملت لفترة طويلة حتى تعقد الأمر كثيرًا، وإنه إن تمكنا من إيجاد الحل منذ عامين لما وصلنا إلى هنا.

وحول التصريحات الحادة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن السيسي، واستقبال قادة الإخوان المسلمين في تركيا، وإمكانية وجود حوار محتمل مع تركيا، قال «السيسي» إن مصر ستظل دائمًا بعيدة عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما ترفض تدخل الآخرين في شؤونها الداخلية، حتى لو لم تكن متفقة مع توجهاتها.

وأضاف أن مصر لم توجه أي تصريحات عدائية ضد أحد، وأنه مسؤول عن حماية 90 مليون مواطن، وأنه لا يريد الدخول في مثل تلك الجدليات، ولا يريد تشتيت تركيزه فيما يفعل.

وحول ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والعلاقة بين الحدثين، قال «السيسي» إن إرادة التغيير والطموح الديمقراطي للشعب المصري فرض نفسه مع الوقت، وإن الشعب المصري كان له الخيار بحرية سواء في استفتاء الدستور أو الانتخابات الرئاسية، التي أُجريت بنزاهة دون تدخل من الدولة.

وأضاف أن مصر تحقق تقدمًا على صعيد البنية التحتية والطرق والإسكان، وأنه تم القضاء على أزمة الكهرباء، التي عانت منها مصر على مدار 8 أعوام، وأن مصر تستطيع الآن إمداد المصنعين بالطاقة، كما أن مشروع قناة السويس الجديدة يسمح بإقامة الاستثمارات والمشروعات على مساحة 240 مليون متر مربع عند مدخلي القناة شمالًا وجنوبًا.

وحول المدة التي توقعها السيسي لتنفيذ تلك المشروعات، وهي 10 سنوات، بينما الدستور لا يسمح له سوى بـ 8 سنوات، وإمكانية تعديل الدستور في هذا الصدد، قال السيسي إن الشعب المصري تغير، وإنه لن يسمح بوجود شخص لا يريده على رأس الدولة، وإنهم ليسوا منصاعين، بل أذكياء، وإنهم ينتمون لحضارة عظيمة، وإن الشعب يعرف جيدًا كيف يختار، فعندما رفضوا مرسي، نزل 30 مليون مواطن للشارع.

وقال «السيسي» حول تكرار انتقاده وحقوق الإنسان، وعودة مصر للدولة البوليسية، إن هناك الكثير من الانتقادات غير عادلة، وإن الشعب المصري يجب أن يوازن بين الوضع الداخلي الهش، واحترام حقوق الإنسان، والانتقاد على المستوى الإقليمي، وجميعنا يريد أن تصبح مصر أرض حقوق الإنسان، ولكن هناك الكثير من الأشياء خارج سياقها تتناولها وسائل الإعلام الدولية، وأن مِمن زاروا مصر وتحدث مع سكانها يعلم تمامًا أن مصر جزءا من مصير العالم الذي يدور هنا.

وحول التوترات السياسية الأمنية التي لا تشجع على جذب الاستثمارات أو مجيء السياح لمصر، قال السيسي إنها استراتيجية الإسلام السياسي، الذي يهدف لضرب الاقتصاد المصري، ولاسيما السياحة، حيث يعمل ملايين المصريين، والشعب يريد الاستقرار والأمن، لذا يجب تحقيق ذلك الهدف بعودة النمو، والتوازن بين الأمن وحقوق الإنسان.

وأضاف أنه إذا كان هناك في مصر متطرف مقابل كل 1000 شخص، فإننا سيصبح لدينا جيش من المتطرفين من 90 ألف إرهابي في مصر، وأن مواجهة هذا التحدي بالنسبة للدول الأوروبية قد يصبح أحيانًا غير مفهوم.

وقال «السيسي» تعليقًا على «أحكام القضاء وعقوبات الإعدام وإن القضاء يعتبر اليد الباطشة»، إن مصر دولة قانون، وإنه بمتابعة أحكام القضاء، سنجد أن المصريين أحيانا يكونوا غير راضين لأنهم أرادوا عقوبات أكثر قسوة من تلك التي أصدرها القضاء على أولئك الذين يعطلون مسيرة الدولة.

وحول جماعة الإخوان المسلمين ووجود معسكرين إحداهما عنيف، والآخر يريد الحوار والمصالحة، قال السيسي إن الأمر ليس فقط بين الإخوان المسلمين والسلطة، ولكنه بين الإخوان والشعب، فالإخوان منذ 3 أعوام قاموا بسلسلة هجمات ضد البينة التحتية للبلاد ورجال الأمن والجيش، وإن الشعب المصري، أعطاني ثقته ولكنه لن يسمح لي بفتح حوار مع الإخوان، الذين حملوا السلاح ضدهم.

وحول عدد عقوبات الإعدام والتي بدأت بالرئيس السابق محمد مرسي، قال السيسي إن الإجراءات القضائية طريقها طويل في مصر، وتمر بمراحل عدة، وإن مرسي مازال يحاكم حتى الآن، ولم يصدر الحكم النهائي بعد، ومبارك بدأت محاكمته في أغسطس 2011، ومازال يحاكم حتى الآن، وأنه رغم تلك الأحكام الصادرة بالإعدام لم يعدم شخصا واحدا حتى الآن، وبالرغم من ذلك فإن الشعب المصري عبر عن صدمته حين تمت إعادة محاكمة المتهمين بقتل 13 شرطيا في 2013، وكانت صدرت أحكام بالإعدام ضدهم.

وقال السيسي حول العفو الرئاسي إن ذلك الأمر سابق لآوانه.

وقال السيسي حول مصير مبارك وإذا ما كان يستحق ذلك، إنه لا أحد يفرض نفسه على إرادة الشعب، وإنه لفظ نظام مبارك وحكم الإخوان المسلمين، وإن رئيس مصر لابد أن يحترم الشعب، ويخاف منه ويحمي أمنه، ويحقق رخاءه، ويحبه، وإلا سيرفضه الشعب، وكما فعلها مرتين منذ 2011 وحتى الآن.

وحول تصريحه السابق عن أن الديمقراطية الحقيقية في مصر ستتحقق خلال 25 عامًا، قال السيسي إن الديمقراطية عملية طويلة ومستمرة ونحن ذاهبون في طريقنا، وأن تلك التجربة لابد أن تستمر، وأنه يحترم إرادة الشعب، ويود أن يعطي مثالًا لخلفائه، ولكن تلك التجربة ليس لديها سوى 4 أعوام فقط، وأن الديمقراطية ستتحقق خلال فترة من 20 إلى 25 عامًا، وهذا يعتبر مدى، إلى حد ما، قصير لتحقيق ذلك الهدف بشكل كامل.

وقال السيسي حول شرط التنمية لتحقيق الديمقراطية، إن الأمر يحتاج إلى تحسين التعليم ومكافحة الفساد والفقر، وتبني معايير حقوق الإنسان في إطار ظروف وطبيعة المجتمع.

وتابع أن هناك ملايين المصريين الذين لا يملكون حقوقهم الأساسية، وأن هناك 65 مليون مصري أقل من 40 عامًا، بينهم 30 مليون آخرون أقل من 18 عامًا، وأنه إن استطعنا أن نضمن لهم المستقبل سيصبح لدينا على الأقل نصف مستوى المعيشة لدى الدول الغربية، وسيكون ذلك مدهشًا.

وقال السيسي إن مصر يلزمها معدل نمو 7.5% لتحقيق تنمية متوازنة، ولاسيما أن عدد السكان يزداد بمعدل 2.5 مليون سنويًا، والذين بحاجة لصحة وتعليم وسكن.

وقال السيسي حول اكتشاف حقل الغاز الذي أعلن عنه في أغسطس 2015، إن الشركة الإيطالية التي تولت العمل فيه، أكدت أن أمامها 4 أعوام للوصول للغاز، ولكن مصر بحاجة لذلك سريعًا، وسنبدأ في استغلال ذلك الغاز بعد عام نصف العام.

وحول اعتماد مصر على المساعدات المالية من دول الخليج، قال السيسي إنه يتمنى الاستغناء عنها، وإنه من الصعب العيش معتمدًا على مساعدات الآخرين.

وحول مقارنة أنصاره له بجمال عبدالناصر، قال السيسي إننا نتحدث عن عصرين مختلفين وشخصين مختلفين، وإنه يتمنى أن يكون مثله في حماية البلد وتحقيق تقدمها، ولكنه تعلم الدروس المستفادة، من الرؤساء السابقين، من عبدالناصر وحتى مرسي، وإن نجاحه سيكون بتجنب تلك الأخطاء التي ارتكبوها.

وقال السيسي عن يوم عمله إنه يستيقظ الساعة 5 أو 5 ونصف صباحًا، ويقرأ الصحف والرسائل، ثم يمارس الرياضة العدو والدراجة، وبعد ذلك يذهب لمكتبه ويظل حتى الساعة 11 مساء.

وعن العطلات التي يقضيها قال إن عطلاته الوحيدة تتمثل في سماعه خبرا جيدا، أو عندما يخبروه بأنه أنجز شيئًا مفيدًا للبلاد.

وحول ولع الحكام بالسلطة، قال السيسي إنهم يقولون إن السلطة مثل المخدرات، ولكن هذا الأمر لا ينطبق عليه.

وأضاف أنه يمنح نصف راتبه للدولة، وأنه لا ينتظر تحقيق مصلحة شخصية من منصبه، وأن الإنجاز الحقيقي لديه بأن يجعل 90 مليون مصري سعداء وآمنين، وإن وفقه الله في مهمته سيكون أغنى رجل في العالم وأكثر من ذلك.

وحول تدينه، قال السيسي إن هذا دليل على أن الله الوحيد الذي سيحاسبه في الآخرة، وأنه يتمنى حين يحاسبه الله أن يقول له «أنا استطعت أن أنقذ وأحمي 90 مليون إنسان».

وتعليقًا على كونه أكثر الرؤساء الأفارقة لديهم متابعين على فيسبوك، قال إنه يحاول أن يتمتع بالقيم الإنسانية مثل الأمانة والإخلاص، واعتقد أن هذا واضحا لدى البعض، ويقدرون ذلك فيه.