قالت صحف غربية، السبت، إنها حصلت على إفادات من شهود ومسؤولين أمنيين، لم تكشف هوياتهم، تؤكد إلقاء قوات الشرطة القبض على الطالب الإيطالى جوليو ريجينى فى منطقة الدقى، مساء يوم 25 يناير الماضى، وذلك قبل أيام من العثور على جثته وعليها آثار تعذيب بالقرب من طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى، فيما نَفَتْ مصادر أمنية بوزارة الداخلية هذه التقارير جملة وتفصيلاً، وأكدت أن قوات الشرطة لم تُلقِ القبض عليه، مُعربة عن استغرابها من استباق نتائج التحقيقات.
وذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية، السبت، أن فريق التحقيق الإيطالى فى القاهرة تمكن من التواصل مع أحد الشهود المصريين بشأن واقعة مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، والذى رأى رجال أمن يستوقفون ريجينى بالقرب من منزله- يوم اختفائه- وهو ما أشارت إليه صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، التى أوضحت أن شاهد عيان أبلغ الفريق الإيطالى بأنه رأى أجنبيًا يُزج به فى سيارة شرطة بالقرب من منزل «ريجينى»، فى الوقت نفسه الذى اختفى فيه الشاب الإيطالى.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن ريجينى عبر أمام 4 محال مزودة بكاميرات مراقبة قرب منزله فى الليلة التى اختفى فيها، ونقلت، عن شاهد عيان، قوله إن أحد مقاطع الفيديو كشف أن شخصين اقتادا الشاب، ويبدو أنهما رجلا أمن مصريان، غير أن أصحاب المحال المزودة بكاميرات قالوا إن الشرطة لم تطلب مقاطع الفيديو، واعتبرت الصحيفة أن عدم طلب الشرطة هذه المقاطع يُعد «سقطة تعكس إما تجاهلاً من أجهزة الأمن المصرية أو تعمداً محتملاً للتعتيم على التفاصيل أثناء التحقيقات»، حسب تعبيرها.
وأضافت أن 3 من مسؤولى الأمن المصريين أكدوا لها أن ريجينى خضع بالفعل للتحقيق والمساءلة، وأن التحقيق مع ريجينى كان سببه «تطاوله على رجال الأمن»، إذ قال أحدهم: «كان وقحًا فى تعامله مع رجال الشرطة، وكان يتعامل بفظاظة»، وتابعت: «اتفق الثلاثة الذين تم التحدث إليهم كل على حدة على أن ريجينى كان يعد بحثاً عن الحركات العمالية واضطراب أوضاع العمال فى مصر، وأثار حوله الشكوك بسبب جهات الاتصال الموجودة بهاتفه، وكان من بينهم أفراد منتمون لجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 إبريل»، وقال أحدهم: «اعتقدوا أنه جاسوس، فمَن هذا الذى يأتى إلى مصر لدراسة النقابات العمالية؟!».
ونقلت الصحيفة، عن العديد من الشهود، قولهم إن اثنين من رجال الأمن المصريين كانا يفتشان المارة فى المنطقة فى حوالى السابعة مساء، وهو آخر وقت شوهد فيه ريجينى، وتزامن توقف هاتفه المحمول عن استقبال أى إشارات مع هذا التوقيت تقريبًا، حسبما نقلت «نيويورك تايمز» عن أحد المحققين فى القضية.
وقال أحد الشهود، الذى رفض الإفصاح عن اسمه، إنه شاهد عنصرى الأمن يستوقفان الشاب الإيطالى، إذ قام أحدهما بتفتيش حقيبته، بينما كان ينظر الآخر فى جواز سفره، وبعدها اصطحباه معهما، وقال شاهد العيان نفسه إن أحد الضابطين كان متواجدا فى المنطقة فى مناسبات سابقة، وكان يسأل الناس فى المنطقة عن ريجينى.
وذكرت «إندبندنت» أن ريجينى لاحظ مجهولا يصوره أثناء حضوره اجتماعا لعناصر معارضة فى القاهرة، يوم 11 ديسمبر الماضى، مشيرة إلى أن ضابط الشرطة الذى يتولى ملف التحقيق فى القضية وُجِّه له من قبل اتهام بالتورط فى تعذيب سجين حتى القتل.
وأضافت الصحيفة أن المحققين الإيطاليين تحدثوا إلى شخص أخبرهم بـ«معلومات مهمة» عن الطالب تداولتها الصحف الإيطالية، ومن بينها أن ريجينى تم توقيفه خارج محطة مترو البحوث، يوم 25 يناير الماضى، ويبدو أنه كان فى طريقه لزيارة حسنين كشك، الذى وصفته الصحيفة بأنه «أحد أكبر المفكرين المعارضين للرئيس عبدالفتاح السيسى».
فى المقابل، قال مصدر رفيع المستوى بوزارة الداخلية إن ما رددته وسائل إعلام أجنبية، عن احتمالية تورط ضباط شرطة فى واقعة مقتل جوليو ريجينى، الطالب الإيطالى بالقاهرة، هو أمر عار تماماً من الصحة، مؤكداً أنه ليس هناك دليل حتى اللحظة حول ضلوع متهم بعينه فى الحادث، الذى يحظى باهتمام بالغ من وزارة الداخلية لكشف ملابساته.
وأضاف المصدر، الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن وزارة الداخلية على جميع مستوياتها تُولى الواقعة اهتماماً كبيرا بتشكيل فريق بحثى عالى المستوى، وبالتنسيق مع فريق من المحققين الإيطاليين، لسرعة الكشف عن ملابسات الواقعة، وتحديد هوية المتهمين بارتكابها، وذلك بعد جمع التحريات الكاملة عن الحادث والوقوف على كل الخيوط الدقيقة التى قد تساعد فى التوصل إلى المتهمين.
وأوضح المصدر أن ما ذكرته وسائل إعلام أجنبية ليس له دليل من الصحة، خاصة أن المصادر التى نُسبت إليها التقارير الإخبارية مجهولة، مستغرباً من استباق وسائل الإعلام الغربية نتائج التحقيقات، وأكد أن فريق البحث الإيطالى لم يعلن بدوره أى تفاصيل عن الحادث سوى التى أعلنها اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، الأسبوع الماضى، خلال مؤتمر صحفى كبير.
وأشار المصدر إلى أن اللواء عبدالغفار كان قد أعرب عن استيائه من اتهام بعض وسائل الإعلام رجال الأمن المصرى بتعذيب الشاب الإيطالى جوليو ريجينى حتى الموت، رافضاً كل الشائعات التى تتردد فى وسائل الإعلام عن مسؤولية جهاز الشرطة عن وفاة الشاب الإيطالى.