قضية الإرهاب..

أحمد عبد الحليم السبت 13-02-2016 21:16

الإرهاب ظاهرة عالمية، وقد وقف غياب الاتفاق الدولى على الحد الأدنى فى تحديد مفهوم الإرهاب حائلاً دون تبنى تعريف مقبول لمعنى الظاهرة، ودون التوصل إلى شكل مقبول لبناء تحالفات دولية لمقابلة الإرهاب الذى استشرى فى مختلف دول العالم، وفى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وقد عمّق من ذلك عدم قبول المجتمع الدولى- حتى الآن- عقد مؤتمر دولى للإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة لدراسة دوافعه والعوامل المؤدية إليه ومطاردة القائمين به وقمع تمويل العمليات الإرهابية، ويرتبط ذلك أيضاً بجميع الأعمال التى تجرى لتسهيل العمليات الإرهابية سواء بالتوجيه أو التدريب أو تقديم التسهيلات بجميع صورها.

وقد تجسد ذلك فى اللقاء الذى دعت إليه الولايات المتحدة وعقد فى جدة بالسعودية نهاية العام الماضى لإنشاء تحالف دولى أطلقت عليه اسم «التحالف الدولى لمقاومة داعش»، ودعيت مصر لحضور المؤتمر ومثلها فيه وزير الخارجية المصرى وتضمن حوالى 30 دولة أوروبية ومن دول المنطقة، وخلال اللقاء طرحت مصر بعض ملاحظاتها بخصوص هذا الاجتماع، كان أولها الاسم الذى أطلق على التحالف، حيث قال وزير الخارجية لماذا أطلق عليه «التحالف الدولى لمقاومة داعش» فقط، وكان يجب أن يكون أكثر شمولاً ويطلق عليه «التحالف الدولى لمقاومة الجماعات الإرهابية» بشكل مطلق، وبذا ينطبق على كل الأحداث الإرهابية التى تحدث فى المنطقة بمختلف مسمياتها، وأشار وزير الخارجية إلى أن اشتراك مصر فى هذا اللقاء «سياسى» وليس عن طريق استخدام القوة البرية المسلحة، وأن الدولة الوحيدة التى تستخدم القوات البرية هى العراق، وأيد الرئيس السيسى هذا التوجه بإعلان رئاسى يتضمن جوهر ما أعلن عنه سامح شكرى، وزير الخارجية.

وسبب ذكرى لهذه الواقعة هو ما أعلنت عنه الولايات المتحدة أخيراً عن بدء الإعداد لدفع قوات «التحالف الدولى لمقاومة داعش» لبعض العمليات العسكرية ضد داعش فى ليبيا، ودعت إلى لقاء يضم وزراء خارجية التحالف يعقد فى «روما»، حضره عن مصر وزير خارجيتها سامح شكرى أيضاً، وهنا ثار العديد من التساؤلات التى سادت الشارع المصرى، والتى يجب التمعن فيها والتعامل معها.

فيما يختص بمصر فهناك مجموعة من القواعد التى تحكم استخدام القوات المسلحة المصرية يجب التعرف عليها، من البداية نقول إن مصر هى الدولة الوحيدة المتماسكة فى المنطقة، وأن القوات المسلحة المصرية هى القوات المسلحة الوحيدة المتماسكة، وبذا يصبح من الضرورى مراعاة تلك الحقائق فى مثل هذه المواقف، وتصبح القاعدة الرئيسية فى هذا المجال هى أن مصر لا تشترك فى التدخل فى دول الجوار إلا فى إطار إقليمى أو دولى، ولا تتدخل فى شؤون ليبيا إلا فى إطار ما يطلق عليه «دول جوار ليبيا» والتى تتضمن ست دول هى: مصر وتونس والجزائر والسودان وتشاد والنيجر إضافة إلى ليبيا.

فإذا طبقنا هذه القواعد، فإن اللقاء الحالى فى روما يمثل إطاراً دولياً وهو الذى يمثل الشكل العام لهذا اللقاء، إلا أن اشتراك وزير الخارجية المصرى يعنى المشاركة السياسية أساساً - كما تم الاتفاق على ذلك فى جدة بالسعودية - ولا يعنى الموافقة - حتى الآن - على أية مشاركة عسكرية، الأمر الآخر الذى يجب أن تتأكد منه مصر فى لقاء روما هو معرفة الإجابة عن سؤالين هامين هما: إذا ما تمت الضربة العسكرية بواسطة التحالف فلمن تسلم السلطة بعد إتمامها، وبعد إتمام الضربة هل سيرفع الحظر الدولى على تزويد ليبيا بالسلاح للسيطرة على مجريات الأمور فى الدولة وإعادة إقامة ليبيا مرة أخرى على أسس سليمة.

وتعود بنا هذه القضايا إلى جوهر الموضوع، وهو أن الإرهاب الذى نشهده الآن فى منطقة الشرق الأوسط- فى بعض جوانبه- هو أداة لصراع سياسى تمليها إمكانات وظروف القوى التى تلجأ إليه، وسياسات بعض القوى العظمى غير العادلة تجاه بعض المناطق والقضايا الإقليمية، إضافة لبعض أنشطة الجماعات الإرهابية الدولية- أو ما يطلق عليها أنشطة «فواعل غير الدولة» (Non - State Actors)، لذا فهو منظم ومخطط وذو أهداف محددة متراكمة، ونظراً لأهمية الموضوع، ولانتشاره بشكل واضح فى هذه الفترة الزمنية، فسوف نتناوله بالتحليل فى بعض المقالات المقبلة.